رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، ثم أمرهم بالمقام عنده ، وأن لا يفارقوه ما عاش ، ومنعهم من مغادرة المدينة ، فبقوا فيها إلى أن مات . وقد أضاف سبباً آخر إلى إفشائهم حديث رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، فذكر أنه إنما يمنعهم من المشاركة في الغزو ؛ حتى لا يفسدوا عليه أصحاب محمد ( صلى الله عليه وآله ) . لا قرآن ، ولا سنة ! ! رغم وصايا النبي ( صلى الله عليه وآله ) والوصي ( عليه السلام ) بالقرآن الكريم ، ورغم أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) كان يُعلم أصحابه الآيات من القرآن ، ويوقفهم على ما فيها من علم وعمل ، وما فيها من حلال وحرام ، وما ينبغي أن يوقف عنده . ثم ما روي عنه ( صلى الله عليه وآله ) من أنه قال : تعلموا القرآن ، والتمسوا غرائبه . وغرائبه فرائضه ، وفرائضه حدوده ، وحدوده حلال وحرام ، ومحكم ومتشابه . . وما روي عن عمر أنه قال حين وفاة النبي ( صلى الله عليه وآله ) : حسبنا كتاب الله - كما تقدم - ثم مبادرته حين توليه الخلافة إلى المنع من تدوين الحديث وروايته ، إلخ . . نعم رغم ذلك كله ، فإننا لا نجد لدى رواد هذه السياسة كبير اهتمام بالقرآن ، وتعليمه ، وتفسيره للناس ، بل نجد عكس ذلك تماماً ، فإن عمر بن الخطاب نفسه كان يمنع الناس من السؤال عن معاني القرآن ، ويضرب ويعاقب من يسأل عن شيء منه ، كما فعل بصبيغ حيث ضربه ماءة ثم مئة حتى اضطربت الدماء في ظهره وفي رأسه ، ومنع الناس من الكلام معه ، ومن مجالسته ، فمكث حولاً على ذلك حتى أصابه الجهد ، ولم يزل وضيعاً في قومه حتى هلك ، وكان سيد قومه . وقد بقي ابن عباس سنة كاملة أو سنتين لا يجرؤ على سؤال عمر عن آية في كتاب