ونلاحظ : أن روايات الإفك تقول : إن عشرة من الصحابة ، بل أكثر قد ظنوا بعائشة خيراً . ولم يظن بها السوء إلا النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، وعلي ( عليه السلام ) . وحتى علي ( عليه السلام ) فإن بعض الروايات تقول : إنه قد برأها . فاللوم القرآني على هذا إنما توجه إلى النبي ( صلى الله عليه وآله ) فقط ، لأنه هو الذي هجرها شهراً ، وأظهر الشك في براءتها . فهل ذلك يعني أن هؤلاء جميعاً كانوا أعرف من النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، وأشد إيماناً ، وأقوى يقيناً و أتقى منه ( صلى الله عليه وآله ) . العياذ بالله من الزلل ، في القول ، والعمل . واللافت أيضاً : أنهم يذكرون أن عائشة نفسها عندما جاءها النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، وطلب منها الإقرار ، أو الاستغفار . قالت : لقد سمعتموه وما أنكرتموه ، ولا غيرتموه . . هذا مطابق تقريباً لقوله تعالى : * ( لَوْلاَ إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْراً وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ ) * . وعائشة تواجه النبي ( صلى الله عليه وآله ) بقولها : وما أنكرتموه ، فتسند إلى النبي ( صلى الله عليه وآله ) عين ما أنكره الله على من أفاض في الإفك ولم ينكره . . فكيف غاب ذلك عن النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، وأدركته عائشة ، حديثة السن ، والتي لم تكن تعرف كثيراً من القرآن ؟ ! وكانت تغفل عن عجين أهلها ، فتأتي الداجن فتأكله ؟ ! حسبما يروونه ! إن ذلك لعجيب حقاً وأي عجيب ؟ ! لقد كانت النبوة إذن تليق بأحد هؤلاء : عائشة ، بريرة ، أبو أيوب ، عمر ، عثمان ، أسامة ، أبي زيد ، وأم أيوب ، أم أيمن . . وزينب بنت جحش ، سعد بن معاذ ، أبي بن كعب ، قتادة بن النعمان على ما في بعض الروايات ، وحتى علي ( عليه السلام ) ، حسبما ذكرته روايات أخرى أيضاً . . دون النبي الأكرم ( صلى الله عليه وآله ) ! ! .