كان يوجد في من أسلم قبل الهجرة من المكيين منافقون يبطنون خلاف ما يظهرون أم لم يكن ؟ ! وهل كانت أجواء مكة صالحة لظهور أشخاص من هذا القبيل يعتنقون الإسلام ويبطنون الكفر ، أم لا ؟ ! . يقول العلامة الطباطبائي ، ما مفاده : إن النفاق في مكة كانت له أسبابه ، ومبرراته ، ومناخاته ، إذ أن أسباب النفاق لا تنحصر بالرغبة والرهبة لذي الشوكة ، ومنه . إذ أننا كثيراً ما نجد في المجتمعات فئات من الناس مستعدة لقبول أية دعوة ، إذا كانت ذات شعارات طيبة ، تنسجم مع أحلامهم ، وآمالهم ، وتعدهم بتحقيق رغائبهم ، وما تصبو إليه نفوسهم . فيناصرونها ، رغم أنهم في ظل أعتى القوى وأشدها طغياناً ، وهم في غاية الضعف والوهن يعرضون أنفسهم لكثير من الأخطار ، ويحملون المشاق والمصاعب من أجلها وفي سبيلها . كل ذلك رجاء أن يوفقوا يوماً ما لتحقيق أهدافهم ، والوصول إلى مآربهم ، التي يحلمون بها ، كالعلو في الأرض ، والحصول على الثروات ، والجاه العريض ، وغير ذلك . إنهم يقدمون على كل هذا ، مع أنهم ربما كانوا لا يؤمنون بتلك الدعوة إلا بمقدار إيمانهم بضرورة الحصول على تلك المآرب والأهداف الآنفة الذكر . ومن القريب جداً . . . أن يكون بعض من اتبع النبي ( صلى الله عليه وآله ) في مكة لم يكن مخلصاً للدعوة ، وإنما كان مخلصاً لنفسه فقط لا سيما إذا لاحظنا : أن دعوة الرسول قد كانت مقترنة من أول يوم بدئها بالوعود القاطعة ، بأن أهلها سوف يكونون ملوك الأرض ، وسوف يملكون كنوز كسرى وقيصر . وهناك بعض الآيات الدالة على وجود النفاق في مكة ، وذلك مثل قوله تعالى : * ( وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْكَافِرُونَ مَاذَا أَرَادَ اللهُ بِهَذَا مَثَلاً ) * حيث قد وردت هذه الآية في سورة المدثر وهي مكية .