وتحمل الأخطار ، وحزن وجزع خوفاً من الأعداء ، بعد أن لم يستطع إقناعه بذلك اضطر ( صلى الله عليه وآله ) إلى أن يخبر الناس بحالة أبي بكر هذه ، عله يكف عن بعض ما كان يفعل ، وذلك كأسلوب اضطراري أخير من أساليب التربية والتوجيه . لا سيما وأن ما يمن به عليه لم يكن أبو بكر متفرداً به ؛ فإن الكل كان قد هاجر وترك ماله ، وأرضه ووطنه ، والكل قد تحمل الأخطار والمتاعب ، وكثير منهم تعرض إلى أقسى أنواع التعذيب والتنكيل . وعن مقامه معه في الغار ، فإن الخطر على أمير المؤمنين كان أعظم من الخطر على أبي بكر ؛ فلماذا إذن هذا المن منه ، حتى عده النبي ( صلى الله عليه وآله ) أمنّ الناس عليه ؟ ! . وإذا كان أبو بكر ، كما يقول البعض خياطاً ، ولم يكن قسمه إلا كواحد من المسلمين ، ولذا احتاج إلى مواساة الأنصار له . وكان أبوه صياداً ، ثم صار ينش الذباب ، وينادي على مائدة ابن جدعان بشبع بطنه ، وستر عورته . فإن من الطبيعي أن لا تكون لأبي بكر ثروة كبيرة ، لا خمسة آلاف ، ولا ستة آلاف ، فضلاً عن أربعين ألف درهم أو دينار كما يدّعون ؛ لأن مثل هذه الثروات إنما تجتمع لدى الإنسان من التجارة ، أو الزراعة ، لا من قبيل صناعات أبي بكر ؛ فكيف يقولون إذن : إنه كان سيداً من سادات قريش ، ومن ذوي المال والثروة والجاه فيها ؟ ! ولماذا يترك أباه عند ابن جدعان ، وهو بهذه الحالة فضلاً عن ابنته أسماء ؟ ! . تسمية أبي بكر بالصديق : ثم يزعم البعض : أن الله تعالى قد سمى أبا بكر بالصديق في قضية الغار ، كما في شواهد النبوة ، حيث قد روي : أنه حين أذن الله تعالى لنبيه