إذا كان العام المقبل أي في السنة الثانية عشرة من البعثة ، وافى الموسم اثنا عشر رجلاً اثنان منهم أوسيان ، والباقون من الخزرج ، فالتقوا مع الرسول ( صلى الله عليه وآله ) في العقبة ، وبايعوه على بيعة النساء ، أي البيعة التي لا تشتمل على حرب ، أي : ‹ على أن لا يشركوا بالله شيئاً ، ولا يسرقون ، ولا يزنون ، ولا يقتلون أولادهم ، ولا يأتون ببهتان يفترونه من بين أيديهم وأرجلهم ، ولا يعصونه في معروف ، فإن وفوا فلهم الجنة وإن غشوا من ذلك شيئاً فأمرهم إلى الله عز وجل ، إن شاء عذب ، وإن شاء غفر › . ولما رجعوا إلى المدينة أرسل النبي ( صلى الله عليه وآله ) معهم مصعب بن عمير ليقرئهم القرآن ، ويعلمهم الإسلام ، ويفقههم في الدين ، فكان يسمى المقري . وألحقه بابن أم مكتوم كما قيل . وقد نجح مصعب ، ومن معه ممن أسلم في الدعوة إلى الله تعالى ، وأسلم سعد بن معاذ ، الذي كان السبب في إسلام قومه بني عمير بن عبد الأشهل ، حيث إنه حين أسلم على يد مصعب رجع إلى قومه ، فلما وقف عليهم قال : يا بني عبد الأشهل ، كيف تعرفون أمري فيكم ؟ قالوا : سيدنا وأفضلنا رأياً ، وأيمننا نفساً وأمراً . قال : فإن كلام رجالكم ونسائكم علي حرام حتى تؤمنوا بالله ورسوله . قال : فوالله ، ما أمسى في دار قبيلة بني عبد الأشهل رجل ولا امرأة إلا مسلماً ، أو مسلمة ، فأسلموا كلهم في يوم واحد ، ( إلا عمرو بن ثابت ، فإنه تأخر إسلامه إلى أحد ، فأسلم ، ثم استشهد قبل أن يسجد لله سجدة واحدة ، كما قيل ) . وأقام مصعب بن عمير يدعو الناس إلى الإسلام ، حتى أسلم الرجال والنساء ، من الأنصار باستثناء جماعة من الأوس ، اتبعوا في ذلك أحد زعمائهم ، الذي تأخر إسلامه إلى ما بعد هجرة الرسول الأعظم ( صلى الله عليه وآله ) .