حينئذٍ ويبيعون ضمن ظروف صعبة جداً ، حيث إن المشركين كانوا يلتقون بكل من يقدم مكة أولاً ، ويطمعونه بمبالغ خيالية ثمناً لسلعته ، شرط أن لا يبيعها للمسلمين . وكان أبو لهب هو رائدهم في ذلك ؛ فكان يوصي التجار بالمغالاة عليهم حتى لا يدركوا معهم شيئاً ، ويضمن لهم ، ويعوضهم من ماله كل زيادة تبذل لهم . بل لقد كان المشركون يتهددون كل من يبيع المسلمين شيئاً بنهب أمواله ، ويحذرون كل قادم إلى مكة من التعامل معهم . والخلاصة : أن قريشاً قد قطعت عنهم الأسواق ، فلا يتركون لهم طعاماً يقدم مكة ، ولا بيعاً إلا بادروهم إليه ، يريدون بذلك أن يدركوا سفك دم رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) . وقد استمرت هذه المحنة سنتين أو ثلاثاً . وكان علي أمير المؤمنين ( عليه السلام ) أثناءها يأتيهم بالطعام سراً من مكة ، من حيث يمكن ، ولو أنهم ظفروا به لم يبقوا عليه ، كما يقول الإسكافي وغيره . وكان أبو طالب رضوان الله تعالى عليه كثيراً ما يخاف على النبي ( صلى الله عليه وآله ) البيات ؛ فإذا أخذ الناس مضاجعهم ، اضطجع النبي ( صلى الله عليه وآله ) على فراشه ، حتى يرى ذلك جميع من في شعب أبي طالب ، فإذا نام الناس جاء وأقامه ، وأضجع ابنه علياً مكانه . وثمة أبيات شعر له ( رحمه الله ) مخاطباً بها ولده علياً بهذه المناسبة ، فلتراجع في مصادرها . حكيم بن حزام وعواطفه تجاه المسلمين : ويذكرون : أن حكيم بن حزام كان في جملة من كان يرسل الطعام سراً إلى المسلمين في شعب أبي طالب . وهذا غير صحيح فحكيم بن