محمداً يتيم أبي طالب ، فقيراً ، لا مال له ؟ ! فكيف يجوز في نظر أهل الفهم أن تكون خديجة ، يتزوجها أعرابي من تميم ، وتمتنع من سادات قريش ، وأشرافها على ما وصفناه ؟ ! ألا يعلم ذوو التمييز والنظر : أنه من أبين المحال ، وأفظع المقال ؟ ! . وأما الرد على ذلك بأنه لا يمكن أن تبقى امرأة شريفة وجميلة هذه المدة الطويلة بلا زواج . فليس على ما يرام ، لأن ذلك لا يبرر رفضها لعظماء قريش وقبولها بأعرابي من بني تميم . وأما كيف يتركها أبوها أو وليها بلا تزويج . فقد قلنا : إن أباها قد قتل في حرب الفجار ، وأما وليها ، فلم يكن له سلطة الأب ليجبرها على الزواج ممن أراد . وبقاء المرأة الشريفة والجميلة مدة بلا زواج ليس بعزيز . إذا كانت تصبر إلى أن تجد الرجل الفاضل الكامل ، الذي كان يعز وجوده في تلك الفترة . وثالثاً : قال أبو القاسم الكوفي : إنه كانت لخديجة أخت اسمها هالة ، تزوجها رجل مخزومي ، فولدت له بنتاً اسمها هالة ، ثم خلف عليها - أي على هالة الأولى - رجل تميمي يقال له : أبو هند ؛ فأولدها ولداً اسمه هند . وكان لهذا التميمي امرأة أخرى قد ولدت له زينب ورقية ، فماتت ، ومات التميمي ، فلحق ولده هند بقومه ، وبقيت هالة أخت خديجة والطفلتان اللتان من التميمي وزوجته الأخرى ؛ فضمتهم خديجة إليها ، وبعد أن تزوجت بالرسول ( صلى الله عليه وآله ) ماتت هالة ، فبقيت الطفلتان في حجر خديجة والرسول ( صلى الله عليه وآله ) . وكان العرب يزعمون : أن الربيبة بنت ، ولأجل ذلك نسبتا إليه ( صلى الله عليه وآله ) ، مع أنهما ابنتا أبي هند زوج أختها وكذلك كان الحال بالنسبة لهند نفسه .