وقد روي عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) ما مفاده : إن العرب كانوا أقرب إلى الدين الحنيفي من المجوس ؛ فإن العرب يغتسلون من الجنابة ، والاغتسال من خالص شرايع الحنيفية . وهم أيضاً يختتنون ، وهو من سنن الأنبياء ، كما أنهم يغسلون موتاهم ، ويكفنونهم ، ويوارونهم في القبور ، ويلحدونهم ، ويحرمون نكاح البنات والأخوات ، وكانوا يحجون إلى البيت ويعظمونه ، ويقولون : بيت ربنا ، ويقرون بالتوراة والإنجيل ، ويسألون أهل الكتب ، ويأخذون منهم . وكانت العرب في كل الأسباب أقرب إلى الدين الحنيفي من المجوس . إذن ، فقد كان ثمة ذكريات بعيدة في ضمير ووجدان الإنسان العربي ، تربطه بالحنيفية السهلة السمحاء ، دين آبائه وأجداده - وهو الذي يعتز بالأنساب وصفائها ، بحكم ما يتعرض له من الغزو والسبي الموجب للتهمة أحياناً - وإذا كان النبي ( صلى الله عليه وآله ) قد بعث ليتمها ؛ فمن الطبيعي أن يكون لهذه الذكريات أثر في نظرة كثير من الناس إليه ، وإلى ما جاء به بإيجابية وواقعية . 7 - الخصائص والعادات العربية : ولقد كان لبعض الخصائص ، والأخلاق ، والعادات العربية ، أثر كبير في نشر دعوة الرسول ( صلى الله عليه وآله ) ، التي هي دعوة الحق والخير وشمولها . وإن كان الإسلام الذي استفاد من تلك الخصائص والعادات والأخلاق ، قد حاول إلى جانب ذلك تركيزها من حيث المنطلقات والأهداف على أسس صحيحة ومقبولة . وأما إن كانت مرفوضة إسلامياً ، فإنه - وإن كانت قد أفادته تلقائياً ، ومن دون أن يتطلب هو ذلك - كان يحاول القضاء عليها ، واستئصالها ، بالحكمة والموعظة الحسنة ، كلما سنحت له الفرصة ، وواتاه الظرف . فمثلاً : لقد استفاد الإسلام كثيراً من شجاعة العربي ، واستهانته بالصعاب ، في الدفاع عن الإسلام . وأيضاً ، فقد كان