الحياة ، وكان الناس ينقادون إلى الدين وأحكامه ، ويطيعون رموزه وأعلامه . فكيف ترى أصبحت الحال بعد أن فتحت الفتوح ، ومُصِّرت الأمصار ، ودخلت أقطار كثيرة أو أظهرت الدخول في الإسلام ، تحت وطأة الفتوحات ، التي قامت بها السلطة الحاكمة آنذاك . وكان أن ازداد عدد السكان ، واتسعت رقعة العالم الإسلامي ، في فترة قصيرة جداً ، وبسرعة هائلة . لقد كان من الطبيعي : أن يأخذ هؤلاء الوافدون جديداً على الإسلام ثقافتهم الدينية من الناس الذين التقوا بهم ، وعاشوا معهم ، أو تحت سلطتهم وهيمنتهم . فإذا كان هؤلاء ضائعين ، جهالاً بأحكام الشريعة ، وبحقائق الدين ، فما ظنك بالتابعين لهم والآخذين عنهم ، فإنهم سوف لا يأخذون عنهم إلا ثمرات ذلك الجهل ، وآثار ذلك الضياع . نصوص وشواهد : ومن الشواهد على هول ما حدث : أننا نقرأ عن عدد من الصحابة وغيرهم : أنهم قد تنبهوا للمأساة ، وعبروا عنها بأنحاء مختلفة . ونذكر من ذلك هنا النصوص التالية : 1 - قد تقدم قول أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : لم يبق من الإسلام إلا اسمه ، ومن الدين إلا رسمه . 2 - روى مالك عن عمه أبي سهيل بن مالك ، عن أبيه ، أنه قال : ما أعرف شيئاً مما أدركت الناس عليه إلا النداء بالصلاة . 3 - يقول الزهري : دخلنا على أنس بن مالك بدمشق ، وهو وحده يبكي ، قلت : ما يبكيك ؟ ! قال : لا أعرف شيئاً مما أدركت إلا هذه الصلاة ، وقد ضيعت .