وأحكام ، ومن سيرة وتاريخ ، وعقائد وسياسات وغيرها . وقد أصبح الاهتمام بذلك محسوساً وملموساً ، فلابد من معالجة الأمر ، بحكمة وروية وحنكة . وقد كان من الواضح : أن مجرد إعطاء الفتاوى لا يكفي ، فقد كان ثمة حاجة إلى تثقيف الناس ، في مجالات ، وشؤون ومناحي مختلفة : تاريخية ، وسياسية ، وتربوية ، وعقيدية وغيرها . فاتجهوا إلى اعتماد أساليب أخرى ، رأوا أنها قادرة على حل هذا المشكل ، وتساعدهم على الخروج من هذا المأزق ، الذي وجدوا أنفسهم فيه . ونذكر هنا بعضاً من مفردات هذه الأساليب ، التي اعتمدوها لسد الخلل ورأب الصدع ، فنقول : تشجيع الشعر والشعراء : إن من الواضح : أن الشعر العربي له تأثير السحر على روح ، وعقل وعواطف الإنسان العربي ، الذي ينجذب إليه ، ويقبل بكل مشاعره وأحاسيسه عليه . فلماذا إذن لا يُعطى للشعر هذا الدور ، ليخفف من الأعباء التي أصبحت ترهق كاهل الحكم ، في هذا الاتجاه . ولأجل ذلك نجد أن المبادرة لتنشيط الاتجاه الأدبي ، والاهتمام بالشعر ، قد جاءت من قبل نفس الخليفة الذي تبنى السياسات التي أشرنا إليها تجاه الحديث والقرآن ، ونفذها بدقة ، ورسخها بحزم ، وحافظ عليها بقوة . فأمر بكتابة الشعر ، والاحتفاظ به ، فدونوا ذلك عندهم ، وكانت الأنصار تجدده إذا خافت بلاه . بل لقد روى لنا مالك في موطئه ، في أواخر كتاب الصلاة أنه بلغه : أن عمر بن الخطاب بنى رحبة في ناحية المسجد ، تسمى البطيحاء وقال : من كان يريد أن يلغط ، أو ينشد شعراً ، أو يرفع صوته ، فليخرج إلى هذه الرحبة .