فبعضهم يقول ومنهم مغلطاي : توفيت سنة أربع ، وقيل : سنة خمس . وقال الزبير بن بكار والبلاذري ، والواقدي ، وابن سعد : توفيت سنة ست . فوجود أم رومان إذن على قيد الحياة في وقت قضية الإفك يكون مشكوكاً فيه ، على أقل تقدير . موقف النبي ( صلى الله عليه وآله ) يخالف القرآن - بزعمهم - : هذا . . ولعل جميع الروايات متضافرة على أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) قد رتب الأثر على قول الآفكين ، وكان في ريب من عائشة ، حيث تغيرت معاملته لها ، ولم تعد تعرف منه ذلك اللطف وصار يقف على الباب ويقول : كيف تيكم ؟ مع ما في هذه الكلمة من الإهانة ، ثم هو يطلب منها التوبة ، إن كان قد صدر منها ذنب . ثم إنه قد استشار في أمرها عدة أشخاص ، وقرر بريرة وغيرها . وفي رواية عمر : فكان في قلب النبي ( صلى الله عليه وآله ) مما قالوا . ثم إن نفس عائشة تلومهم على ترتيبهم الأثر ، وشكهم . . حتى إنها تقول للذي بشرها بالبراءة : بحمد الله ، وذمكما . تقصد أباها ورسول الله ( صلى الله عليه وآله ) أو : بحمدك لا بحمد صاحبك الذي أرسلك . . أو : بحمد الله لا بحمدك . أو نحو ذلك . مع أن آيات الإفك توبخ على عدم الظن الحسن في هذا المورد . وتقول : إنه كان يجب تكذيب هذه الفرية رأساً . . فقد قال تعالى : * ( لَوْلاَ إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْراً وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ ) * . وقال : * ( لَوْلاَ إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ ) * . فمن لوازم الإيمان حسن الظن ، والنبي أحق من يتصف بهذه الصفة ، وهو أبعد ما يكون عن الوقوع في الإثم ، وله مقام النبوة ، والعصمة الإلهية .