ورواية أخرى تذكر القضية بنحو يشبه ما جرى لأمير المؤمنين ( عليه السلام ) حين هجرته ، وتهديده إياهم ورجوعهم عنه ؛ فراجع . ولكنها قصة لا تصح ، لأن إرسال النبي ( صلى الله عليه وآله ) أبا بكر إلى صهيب ثلاث مرات في ظرف كهذا غير معقول ، لا سيما وهم يدعون : أن قريشاً كانت تطلب أبا بكر كما تطلب النبي ، وجعلت مئة ناقة لمن يأتي به ، وإن كنا نعتقد بعدم صحة ذلك . ولكن قريشاً ولا شك إنما كانت تهتم في أن تستدل على النبي ( صلى الله عليه وآله ) من خلال أبي بكر . أضف إلى ما تقدم : أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) لم يخبر أحداً بهجرته تلك الليلة ، بل يروون : أنه ( صلى الله عليه وآله ) إنما صادف أبا بكر ، وهو في طريقه إلى الغار . ويجب أن يعلم : أن صهيباً كان من أعوان الهيئة الحاكمة بعد النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، وممن تخلف عن بيعة أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، وكان يعادي أهل البيت ( عليهم السلام ) ؛ فلعل المقصود هو مكافأته على مواقفه تلك ، بمنحه هذه الفضيلة الثابتة لأمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، فيكون هؤلاء قد أصابوا عصفورين بحجر واحد حينما يزين لهم شيطانهم أن علياً ( عليه السلام ) يخسر وخصومه يربحون . الراحلتان بالثمن : وأمهل أمير المؤمنين ( عليه السلام ) إلى الليلة القادمة ؛ فانطلق تحت جنح الظلام ، هو وهند بن أبي هالة ، حتى دخلا الغار على رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) . حيث كان ( عليه السلام ) هو الذي يأتي النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، بالطعام ، والشراب إلى الغار . وقد احتج ( عليه السلام ) ، بذلك يوم الشورى ، فقال : نشدتكم بالله ، هل فيكم أحد كان يبعث إلى رسول الله الطعام وهو في الغار ، ويخبره الأخبار غيري ؟ قالوا : لا . .