أولاً : لأن حزنه في الغار ، وخوفه وهو يرى الآيات والمعجزات التي يذكرها نفس هؤلاء الراوين لهذه الرواية قد زاد في كدر النبي الأعظم ( صلى الله عليه وآله ) ، حتى لقد احتاج النبي ( صلى الله عليه وآله ) إلى أن ينزل الله سكينته عليه . ثانياً : عدا عن ذلك فإنه لا معنى لتخوف الرصد ، فقد كانت قريش مطمئنة إلى أنها تحاصر النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، وتحيط به . وأنه لن يكون له نجاة من مكرها وكيدها . ثم هل كان لديه سلاح يدفع به عن النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، أو عن نفسه ؟ ! . وقد يكون للقصة أصل إذا كان يفعل ذلك من جهة خوفه على نفسه ، فكان يبحث عن موقع يشعر فيه بالأمن فلا يجده ! ! ثم حرفت وحورت حتى صارت كما ترى ، فتبارك الله أحسن الخالقين ! ! وعن قضية صهيب : ولقد ادعوا : أنه لما أراد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) الخروج إلى الغار أرسل أبا بكر مرتين أو ثلاثاً إلى صهيب فوجده يصلي ، فكره أن يقطع صلاته ، وبعد أن جرى ما جرى عاد صهيب إلى بيت أبي بكر ، فسأل عن أخويه : النبي ( صلى الله عليه وآله ) وأبي بكر ، فأخبروه بما جرى . فأراد الهجرة وحده . ولكن المشركين لم يمكنوه من ذلك حتى بذل لهم ماله ؛ فلما اجتمع مع النبي ( صلى الله عليه وآله ) في قباء قال ( صلى الله عليه وآله ) : ربح صهيب ربح صهيب ، أو ربح البيع ، فأنزل الله : * ( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاء مَرْضَاةِ اللهِ ) * . . وألفاظ الرواية مختلفة كما يعلم بمراجعة الدر المنثور للسيوطي وغيره . . ويكفي أن نذكر أن بعضها يذكر : أن الآية نزلت لما أخذ المشركون صهيباً ليعذبوه ، فقال لهم : إني شيخ كبير لا يضر أمنكم كنت ، أم من غيركم ، فهل لكم أن تأخذوا مالي وتدعوني وديني ؟ ففعلوا .