مبيت علي ( عليه السلام ) ، وهجرة النبي ( صلى الله عليه وآله ) : ويقول المؤرخون : إن أولئك القوم الذين انتدبتهم قريش ، اجتمعوا على باب النبي ( صلى الله عليه وآله ) - وهو باب عبد المطلب على ما في بعض الروايات - يرصدونه ، يريدون بياته . وفيهم : الحكم بن أبي العاص ، وعقبة بن أبي معيط ، والنضر بن الحارث ، وأمية بن خلف وزمعة بن الأسود وأبو لهب وأبو جهل وأبو الغيطلة وطعمة بن عدي ، وأبي بن خلف ، وخالد بن الوليد ، وعتبة ، وشيبة ، وحكيم بن حزام ، ونبيه ، ومنبه ابنا الحجاج . لقد اختارت قريش من قبائلها العشر ، أو الخمس عشرة ! عشرة أو خمسة عشر رجلاً ؛ بل أكثر ، على اختلاف النقل ! ليقتلوا النبي الأعظم ( صلى الله عليه وآله ) بضربة واحدة بسيوفهم . ثم إن المتآمرين تهيأوا واجتمعوا ؛ فأخبر الله تعالى نبيه ( صلى الله عليه وآله ) بمكرهم . فأمر ( صلى الله عليه وآله ) أمير المؤمنين علياً ( عليه السلام ) بالمبيت على فراشه ، بعد أن أخبره بمكر قريش ، فقال علي ( عليه السلام ) : أو تسلم بمبيتي هناك يا نبي الله ؟ قال : نعم . فتبسم علي ضاحكاً وأهوى إلى الأرض ساجداً ، شكراً لله ، فنام على فراش النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، واشتمل ببرده ( صلى الله عليه وآله ) الحضرمي . ثم خرج النبي ( صلى الله عليه وآله ) في فحمة العشاء . والرصد من قريش قد أطافوا بداره ينتظرون . خرج ( صلى الله عليه وآله ) ، وهو يقرأ هذه الآية : * ( وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدّاً وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدّاً فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ ) * . وكان بيده ( صلى الله عليه وآله ) قبضة من تراب ، فرمى بها في رؤوسهم ، ومر من بينهم ، فما شعروا به ، وأخذ طريقه إلى غار ثور . وجعل المشركون يرمون علياً بالحجارة ، كما كانوا يرمون رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، وهو يتضور ( أي يتلوى ويتقلب ) . وقد لف رأسه في الثوب لا يخرجه حتى أصبح ؛ فهجموا عليه ، فلما بصر بهم علي ( عليه السلام ) قد انتضوا