هلكوا جوعاً ، فادع الله لهم ، فدعا رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) لهم ؛ فكشف عنهم ، يقول الله عز وجل : * ( إِنَّا كَاشِفُوا الْعَذَابِ قَلِيلاً إِنَّكُمْ عَائِدُونَ ) * . فإن الظاهر هو أن هذه الآية قد جاءت جواباً لقولهم : * ( رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ ) * . ثم تحدث عنهم تعالى بأسلوب الغائب مشيراً إلى ما صدر منهم سابقاً مما يدل على عدم وثوقه في وعدهم ، ثم عاد إلى خطابهم بالآية الآنفة الذكر ، متوعداً إياهم بالعذاب الأليم في الآخرة في صورة عودتهم إلى العناد . عرض الإسلام على القبائل : لقد كان النبي الأكرم ( صلى الله عليه وآله ) يغتنم الفرصة في مواسم الحج ؛ فيعرض على القبائل ، قبيلة قبيلة ، أن تعتنق الإسلام ، وتعمل على نشره وتأييده ، وحمايته ونصرته . بل كان لا يسمع بقادم إلى مكة ، له اسم وشرف ، إلا تصدى له ، ودعاه إلى الإسلام . ولكن عمه أبا لهب كان يتبعه أنى توجه ، ويعقب على كلامه ، ويطلب منهم أن لا يقبلوا منه ولا يطيعوه في شيء . هذا بالإضافة إلى اتهامه بالجنون ، والسحر والكهانة ، والشعر ، وغير ذلك . وكان الناس في الغالب يسمعون من قريش ! إما خشية من سلطانها ونفوذها ، وإما حفاظاً على مصالحهم الاقتصادية في مكة ، لا سيما في مواسم الحج ، وعكاظ . كما أن تصدي أبي لهب عم النبي ( صلى الله عليه وآله ) بالذات لإفساد الأمر عليه ( صلى الله عليه وآله ) كان أبعد تأثيراً في ذلك ، على اعتبار : أنه عمه ، وأعرف الناس به . ولقد أفادت تحركات النبي ( صلى الله عليه وآله ) هذه ، حيث إنهم بعد أن ذهبت شوكة قريش ، وخمد عنفوانها ، وأصيب نفوذها بنكسة قوية بسبب ظهور دعوته وانتشار دينه ( صلى الله عليه وآله ) ، وتوالي انتصاراته عليها ، ولا سيما بعد فتح