الاجتماعية - كما قدمنا - فاعتقدت قريش أنه ( صلى الله عليه وآله ) سيضعف عزمه عن مواصلة جهوده ، بعد أن مات ناصره . فنالته بعد وفاة شيخ الأبطح بأنواع الأذى ، مما عجزت عنه في حياة عمه العظيم ، ووجدت الفرصة للتنفيس عن حقدها ، وصب جام غضبها على ذلك الذي ترى فيه سبباً لكل مشاكلها ومتاعبها . ورأى ( صلى الله عليه وآله ) أن الدعوة الإسلامية تتعرض لضغوط قوية تمنع من انتشارها ، ومن دخول الآخرين فيها ، ما داموا لا يرون في ذلك الدخول إلا العذاب والنكال ، وإلا الذل والمهانة . ومن هنا فقد كان لا بد من تحرك جديد ، يعطي للدعوة دفعة جديدة ، ويجعلها أكثر حيوية ، وأكثر قدرة على مواجهة الأخطار المحتملة . لذا من الطبيعي أن يبحث عن مكان آخر تتوفر فيه له حرية الحركة ، والدعوة إلى الله ، بعيداً عن أذايا قريش ومكائدها . فكان كل ذلك وسواه دافعاً إلى الهجرة إلى الطائف . الهجرة إلى الطائف في كلمات المؤرخين : فبعد أن أذن الله له ( صلى الله عليه وآله ) بالخروج من مكة إذ قد مات ناصره ؛ خرج إلى الطائف ، ومعه علي ( عليه السلام ) - أو زيد بن حارثة أو هما معاً ، على اختلاف النقل - وذلك لليال بقين من شوال سنة عشر . فأقام في الطائف عشرة أيام ، وقيل : شهراً ، لا يدع من أشرافهم أحداً إلا جاءه ، وكلمه ، فلم يجيبوه ، وخافوا على أحداثهم ؛ فطلبوا منه أن يخرج عنهم ، وأغروا به سفهاءهم ؛ فجلسوا له في الطريق صفين ، يرمونه بالحجارة ، وعلي ( عليه السلام ) يدافع عنه ، حتى شج في رأسه ، أو أن الذي شج في رأسه هو زيد بن حارثة .