قال المشركون تلك الغرانيق العلى إلخ . . ثم جاء القصاصون والحاقدون ، ولعل منهم مسلمة أهل الكتاب ، الذين أدخلوا الكثير من إسرائيلياتهم في الإسلام - جاؤوا - ونسجوا حولها ما يتلاءم مع مصالحهم وأهدافهم الشريرة ، من الطعن بعصمته ( صلى الله عليه وآله ) ، ثم التشكيك بكل ما في القرآن ، بحيث يتهيأ الجو لتطرق احتمالات من هذا النوع في كل سورة وآية ، ثم التدليل على مدى جهل النبي ( صلى الله عليه وآله ) وعدم إدراكه حتى المتناقضات الواضحة . ثم خضوعه لسلطان الشيطان ، وعدم قدرته على تمييز ما هو منه عما هو من غيره . ولكننا نجدهم يقولون في مقابل ذلك ، كما تقدم : إن الشيطان يفر من حس عمر ، أولم يلق الشيطان عمر منذ أسلم الآخر لوجهه ، أو ما سلك عمر فجاً إلا سلك الشيطان فجاً آخر . ولعلهم أرادوا : أن يقولوا : إن للنبي شيطاناً يعتريه كما كان لأبي بكر . . . ثم جاء المستشرقون الحاقدون ، أعداء الإسلام ، فحاولوا الاستفادة من هذه الأباطيل والأساطير للطعن في نبينا الأعظم ( صلى الله عليه وآله ) . عَبَسَ وَتَوَلَّى : ويذكر المؤرخون : بعد قضية الغرانيق ، قضية زعموا أنها نزلت لأجلها سورة * ( عَبَسَ وَتَوَلَّى ) * المكية ، التي نزلت بعد سورة النجم . وملخص هذه القضية : أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) كان يتكلم مع بعض زعماء قريش ، ذوي الجاه والمال ، فجاءه عبد الله بن أم مكتوم - وكان أعمى - فجعل يستقرئ النبي ( صلى الله عليه وآله ) آية من القرآن ، قال : ‹ يا رسول الله ، علمني مما علمك الله › . فأعرض عنه رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وعبس في وجهه ، وتولى ، وكره كلامه ، وأقبل على أولئك الذين كان ( صلى الله عليه وآله ) قد طمع في إسلامهم ، فأنزل الله تعالى : * ( عَبَسَ وَتَوَلَّى * أَنْ جَاءهُ الأعْمَى * وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ