أبو بكر ، وسبقه إلى الإسلام : وبعد كل ما تقدم نعرف : أن ادعاء سبق غير أمير المؤمنين ( عليه السلام ) إلى الإسلام قد جاء متأخراً عن عهد الخلفاء الأربعة ، ووضع بعد استشهاد أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، ولربما يكون قد حصل ذلك حينما كتب معاوية إلى الأقطار يأمرهم أن لا يدعوا فضيلة لعلي إلا ويأتوه بمثلها لغيره من الصحابة . ومن هنا ، فإننا نعتقد : بأن القول بأولية إسلام أبي بكر ، والمروي عن بعضهم مثل : ابن عباس ، والشعبي وحسان بن ثابت ، وغيرهم . نعم ، إننا نعتقد : أن ذلك كله موضوع في وقت متأخر ، تزلفاً للأمويين ، فهذه عائشة نفسها تعترف بأن أباها كان رابعاً في الإسلام ، وقد سبقه إلى ذلك خديجة ، وزيد بن حارثة ، وعلي ( عليه السلام ) . ومن المؤكد : أن إسلام أبي بكر قد تأخر عن البعثة عدة سنوات ويدل على ذلك - ونحن نلزمهم بما ألزموا به أنفسهم - الأمور التالية : 1 - ما قالوه من أنه لما أسلم سماه النبي ( صلى الله عليه وآله ) صديقاً مع أن تسميته هذه - كما يدعون - إنما كانت بعد الإسراء حين صدقه أبو بكر وكذبته قريش . أو حين الهجرة في الغار - وكلاهما لا يصح أيضاً كما سيأتي في حديث الغار إن شاء الله تعالى - وهم يدّعون : أن الإسراء كان بعد البعثة باثنتي عشرة سنة وإن كنا نحن نعتقد بخلاف ذلك . وأنه كان في السنة الثانية أو الثالثة . ( كما سيأتي في الفصل الآتي ) . 2 - لقد روى الطبري - بسند صحيح كما يقول الأميني - عن محمد بن سعيد ، قال : قلت لأبي : أكان أبو بكر أولكم إسلاماً ؟ فقال : لا ، ولقد أسلم قبله أكثر من خمسين .