وهذا الحديث أخرجه ابن عساكر في تاريخه [1] بسنده عن سماك بن حرب ، قال : قلت لجابر : إنّ هؤلاء القوم يعني بني أمية يدعونني إلى شتم علي ، قال : وما عسيت أن تشتمه به ؟ قال : أكنيه بأبي تراب . قال : فوالله ما كانت لعلي كنية أحب إليه من أبي تراب ، انّ النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم آخى بين الناس ولم يؤاخ بينه وبين أحد ، فخرج حتى أتى كثيباً من رمل فنام عليه ، فأتاه النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم فقال : قم أبا تراب ، وجعل ينفض التراب عن ظهره وبردته ويقول : قم أبا تراب ، أغضبت إن أنا آخيت بين الناس ولم أواخ بينك وبين أحد ؟ قال : نعم ، فقال له : أنت أخي وأنا أخوك . وجاءت عدة أحاديث بهذا المعنى . وإذا عرفنا أنّ المؤاخاة كانت مرّتين مرّة قبل الهجرة وأخرى بعد الهجرة بخمسة أشهر ، فإنّ تكنية النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم لعلي بأبي تراب كانت في الثانية ، كما هو صريح حديث ابن عباس ؛ لذكر المؤاخاة فيها بين المهاجرين فقط ، وبناء على ذلك فتكون تكنية النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم بأبي تراب قد وقعت بعد الهجرة بخمسة أشهر ، وهذا التحديد الزمني يعني أنّها كانت قبل ولادة الحسن أول أبنائه بأكثر من سنتين ونصف تقريباً ، لأنّ ولادة الحسن عليه السّلام كانت في النصف من شهر رمضان سنة ثلاث من الهجرة . ولئن كانت تلك المرة هي الأولى التي كنى بها النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم علياً بأبي تراب ، فانّها لم تكن الأخيرة ، فقد تكررّت أيضاً مرّة أخرى . المرة الثانية في غزوة العُشيرة : أخرج ابن عساكر في تاريخه [2] بأسانيده عن عمار بن ياسر ، والنسائي في الخصائص [3] عن عمار بن ياسر واللفظ له ، قال : كنت أنا وعلي بن أبي طالب
[1] - تاريخ ابن عساكر ( ترجمة الإمام ) 1 : 23 . [2] - المصدر نفسه 3 : 285 . [3] - الخصائص : 39 .