كنّاه بها مراراً حين يراه في كل مرّة متوسداً التراب وقد أثر فيه ، فيقول له : أنت أبو تراب ، وتلك الأحاديث اختلف زمانها وتفاوتت أحداثها ، فلابد لنا من عرضها حسب تسلسلها الزمني : المرة الأولى في حديث المؤاخاة : وهو حديث مستفيض نقلاً ، أخبت بصحته الحفّاظ ، وأخرجه أصحاب الحديث والسير والتواريخ ، ولا يتطرق إليه ريب ، ويكفي في روايته المصادر التالية : المعجم الكبير [1] والأوسط وهما للطبراني ، ومجمع الزوائد للهيثمي [2] عن ابن عباس قال : لما آخى النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم بين أصحابه من المهاجرين والأنصار ، فلم يؤاخ بين علي بن أبي طالب وبين أحد منهم ، وخرج مغضباً حتى أتى جدولاً فتوسّد ذراعه فسفت عليه الريح ، فطلبه النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم حتى وجده ، فوكزه برجله فقال له : قم فما صلحت أن تكون إلا أبا تراب ؟ أغضبت عليّ حين آخيت بين المهاجرين والأنصار ولم أؤاخ بينك وبين أحد منهم ؟ أما أن ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى إلا أنّه لا نبي بعدي ، ألا من أحبّك حُفّ بالأمن والإيمان ، ومن أبغضك أماته الله ميتة جاهلية ، وحوسب بعمله في الإسلام . أقول : وأخرجه المتقي الهندي في كنز العمال [3] ، والخوارزمي الحنفي في المناقب [4] ، وابن الصباغ المالكي في الفصول المهمة [5] .