التاريخية الحماسية لبثّ الحماس في نفوس المسلمين . . . فنشره مكرراً خلاف مصلحة الصليبين ، فما بالهم يتهافتون على نشره وترجمته . ثم إنّا نقول لهم ولكل مشكك ، بانّه مهما يمكن أن يقال وقد قيل في مناقشات النسبة ، سواء صحت أم لم تصح ، ومهما كان الحق في هذه المسألة التي ما زالت بين الأخذ والرد ، فانّ اعتماد روايات الكتاب ليس من الأهمية والخطر في التاريخ الإسلامي حتى يحتاج إلى بذل مزيد من الجهد للاستقصاء وقول الكلمة الفاصلة ، ما دام المذكور في الكتاب ليس بدعاً في التاريخ ، بل هناك تواريخ اُخرى تذكره على تفاوت في الاجمال والتفصيل . وحسب المثبتين متابعة من سبقهم من أعلام المحدّثين والمؤرخين ممن أخذوا من الكتاب وصرحوا بنسبته إلى ابن قتيبة ، وقد مرّ بنا ان ابن الشبّاط ( ت 681 ه ) نقل عنه ، وكذلك ابن فهد المكي ( ت 885 ه ) نقل عنه في كتابه ( اتحاف الورى بأخبار أُم القرى ) ومثله فيما أرى ابن حجر الهيتمي المكي ( ت 974 ه ) في كتابه ( تطهير الجنان واللسان ) المطبوع بهامش كتابه الصواعق المحرقة حيث قال [1] : ( ومع تآليف صدرت من بعض المحدّثين كابن قتيبة مع جلالته القاضية بانّه كان ينبغي له أن لا يذكر تلك الظواهر ، فان أبى إلاّ ذكرها ، فليبيّن جريانها على قواعد أهل السنّة حتى لا يتمسّك مبتدع أو جاهل بها ) . وهذا القول من ابن حجر يريد به ما ذكره ابن قتيبة في كتاب ( الإمامة والسياسة ) بدون شك أو ريب ، لانّه قد ذكر فيه ما شجر بين الصحابة ، وهذا ما غاض ابن حجر ، إذ ليس في باقي كتب ابن قتيبة ما يشير إليه ابن حجر . إذن فالكتاب يعرفه لمؤلفه ابن قتيبة غير واحد من قدامي ومحدثين ، وقد مرّت أسماء بعضهم قبل هذا ، وحبّذا لو أعيدت طباعته محققاً تحقيقاً كاملاً شاملاً لوجه العلم لا للتجارة .