وقال : يا علي إنّ القوم سيفتنون بعدي بأموالهم ، ويمنّون بدينهم على ربّهم ، ويتمنّون رحمته ، ويأمنون سطوته ، ويستحلّون حرامه بالشبهات الكاذبة والأهواء الساهية ، فيستحلّون الخمر بالنبيذ ، والسحت بالهدية ، والربا بالبيع ، فقلت : يا رسول الله ، بأيّ المنازل أنزلهم عند ذلك ؟ أبمنزلة ردّة أم بمنزلة فتنة ؟ فقال : بمنزلة فتنة » . وهذا يوضّح لنا معنى ما ورد في بعض الآثار والأخبار أنّ الناس كفروا وارتدوا بعد وفاة النبي صلّى الله عليه وسلّم إلاّ ثلاثة [1] ، وفي رواية لابن حجر عن عمرو بن ثابت [2] : إلاّ خمسة ، وليس ذلك بمستغرب الوقوع عند من يقرأ قوله تعالى : * ( وَمَا مُحَمَّدٌ إلا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أفَإنْ مَاتَ أوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِب عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ ) * [3] . وأقوال الرسول الكريم وهو يخاطب صحابته نحو : ( لا ألفينّكم ترجعون بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض . . . ) [4] . ونحو : ( لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض . . . ) البخاري ومسلم وغيرهما [5] . وفي بعض ألفاظ أحاديث الحوض عنه صلّى الله عليه وسلّم قال : ( ليردنّ عليّ الحوض ممن صاحبني إذا رأيتهم ورفعوا إليّ واختلجوا دوني فلأقولنّ : أي رب أصحابي أصحابي ، فليقالنّ لي : إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك ) أخرجه مسلم في صحيحه كتاب الفضائل باب اثبات حوض نبينا صلّى الله عليه وسلّم عن أنس ، وأخرجه أحمد في مسنده [6] .
[1] - الاختصاص للشيخ المفيد : 4 . [2] - تهذيب التهذيب 7 : 10 ، ترجمة عمرو بن ثابت ، وقد تحامل عليه مترجموه من العامة لأنه قال : لما مات النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم كفر الناس إلاّ خمسة ، فقالوا فيه ما شاؤوا من تجريح . [3] - آل عمران : 144 . [4] - النسائي 7 : 128 . [5] - موسوعة أطراف الحديث النبوي الشريف 7 : 101 . [6] - مسند أحمد 5 : 48 و 50 عن أبي بكرة و 388 ، و 393 ، و 400 عن حذيفة .