موقف الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام يومئذٍ : لما كان النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم قد تقدم إلى الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام بما سيجري عليه من بعده ، وما سيلاقيه من العتاة من غصبهم مقامه ، وأنّ الأمة ستغدر به وتعصي النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم في أوامره باتباعها له ، وأنّها ستنكر ولايته وإمامته ، وعيّن له ما يجب عليه القيام من بعده إتماماً لجهوده في إقامة دينه ، وأنّ عليه أن يصبر على ذهاب حقه في سبيل الحفاظ على شريعته ، فقد روى أحمد في مسنده [1] ، بسنده عن علي بن أبي طالب قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم : ( انّه سيكون بعدي اختلاف أو أمر ، فإن استطعت أن تكون السَلَم فافعل ) . وعليه أن يعامل المستحوذين على حقه معاملة المسلمين ما داموا ينطقون بالشهادتين ، وقد جاء في نهج البلاغة [2] : ومن كلام له عليه السّلام خاطب به أهل البصرة على جهة اقتصاص الملاحم ، جاء فيه : وقام إليه رجل وقال : أخبرنا عن الفتنة ؟ وهل سألت عنها رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ؟ فقال صلّى الله عليه وآله وسلّم : « لما أنزل الله سبحانه قوله : * ( ألم * أحَسِبَ النَّاسُ أنْ يُتْرَكُوا أنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُم لا يُفْتَنُونَ ) * [3] ، علمت أنّ الفتنة لا تنزل بنا ورسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم بين أظهرنا ، فقلت : يا رسول الله ما هذه الفتنة التي أخبرك الله بها ؟ فقال : يا علي إنّ أمّتي سيفتنون من بعدي ، فقلت : يا رسول الله ، أوليس [ قد ] قلت لي يوم اُحد حيث استشهد من استشهد من المسلمين ، وحيزت عنّي الشهادة فشقّ ذلك علي ، فقلت لي : أبشر فإنّ الشهادة من ورائك ؟ فقال لي : إنّ ذلك لكذلك ، فكيف صبرك إذاً ؟ فقلت : يا رسول الله ليس هنا من مواطن الصبر ، ولكن من مواطن البشرى والشكر ،