وأورده مرّة واحدة باسناده إلى الزهري عن مالك بن أوس بن الحدثان في خصومة علي والعباس ، وعطف عليه ثانية مشيراً إليه باسناد آخر [1] . كما أنه لم يخل صحيحه من روايتي أبي هريرة ، كما مرّت الإشارة إلى ذلك قريباً . وكل مرويات مسلم تجدها في كتاب الجهاد والسير في باب حكم الفيء ، وباب قول النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم : ( لا نورّث ما تركنا صدقة ) [2] . وإذا قارنّا بين مرويات مسلم ومرويات البخاري ، فيما اتفقا عليه اسناداً بدءاً من الزهري ، سواء في حديثه عن عروة عن عائشة ، أو حديثه عن مالك بن أوس بن الحدثان ، لا نجد حقيقة الاتفاق بتمام اللفظ والمعنى ، بل نجد التفاوت واضحاً ، ولا نطيل البحث في ذلك ، إلاّ أنّ الذي لا ينبغي التجاوز عنه هو ما جاء في حديث مالك بن أوس عند مسلم من قول عباس : اقض بيني وبين هذا الكاذب الآثم الغادر الخائن ، ولما كان مسلم قد روى الخبر بأسانيد بعضها عن عبد الرزاق ، عن معمر ، عن الزهري ، عن مالك بن أوس بن الحدثان ، وقد مرّ الخبر عن عبد الرزاق في المصنف [3] ، وليس فيه قول العباس في علي : هذا الكاذب الآثم الغادر الخائن . والذي ورد في البخاري في كتاب الاعتصام كما مرّ قوله : اقض بيني وبين الظالم ، استبّا . ولما كان ذلك في الفظاعة مما ينمّ عن كذب راويه ، فقد جعل موازنة لما يأتي بعده في نفس الخبر من قول عمر لعلي والعباس : فرأيتماه يعني أبا بكر في قضائه عليهما كاذباً آثماً غادراً خائناً ، والله يعلم إنّه لصادق
[1] - صحيح مسلم 2 : 53 . [2] - صحيح مسلم 5 : 151 ط صبيح ، و 2 : 52 ط بولاق . [3] - المصنف 5 : 469 .