في رأيهما في صنع أبي بكر ، والتعبير عن ذلك بكذا وكذا ، بينما نرى معاصره مسلم بن الحجاج أصدق لهجة وحديثاً منه في ذكر ذلك بصراحة تامة في صحيحه ، كما سيأتي . ثم إنّ البخاري دسّ بأنف أبي هريرة بين تلك الموارد ، فذكر حديثاً في كتاب الفرائض في باب قول النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم : ( لا نورّث ما تركنا صدقة ) فقال [1] : حدّثنا إسماعيل قال : حدّثني مالك ، عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال : ( لا يقتسم ورثتي ديناراً ، ما تركت بعد نفقة نسائي ومؤنة عاملي فهو صدقة ) . وهذا أخرجه مسلم في صحيحه [2] ، باسنادين توثيقاً للخبر ، ثم ارتقى بأبي هريرة بسند ثالث عنه عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال : ( لا نورّث ما تركنا صدقة ) وهذا فيما يبدو من التدرج من خبره الأول : لا يقتسم ورثتي ديناراً الخ ، حتى روى عين ما رواه أبو بكر ورواه عمر وروته عائشة ، ولا غرابة فهو من الضالعين في ركاب الحاكمين . روايات الحديث في صحيح مسلم : أورد مسلم الحديث أربع مرّات بأسانيده إلى كل من الزهري عن عروة عن عائشة ، فمرّة في حديثها عن أزواج النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم أردن أن يبعثن عثمان . . . . ومرّتين في حديثها أنّ فاطمة أرسلت إلى أبي بكر تسأله ميراثها من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم . ومرّة في حديثها أنّ فاطمة والعباس أتيا أبا بكر يلتمسان ميراثهما من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، وهما حينئذٍ يطلبان أرضه من فدك وسهمه من خيبر .
[1] - صحيح البخاري 8 : 150 . [2] - صحيح مسلم 5 : 156 .