الصورة الرابعة قال البخاري [1] : حدّثنا أبو اليمان ، أخبرنا شعيب ، عن الزهري قال : أخبرني مالك بن أوس بن الحدثان النصري ، أنّ عمر بن الخطاب دعاه إذ جاءه حاجبه يرفأ فقال : هل لك في عثمان ، وعبد الرحمن ، والزبير ، وسعد يستأذنون ؟ فقال : نعم ، فأدخلهم ، فلبث قليلاً ثم جاء فقال : هل لك في عباس وعلي يستأذنان ؟ قال : نعم ، فلما دخلا قال عباس : يا أمير المؤمنين اقض بيني وبين هذا ، وهم يختصمان في الذي أفاء الله على رسوله صلّى الله عليه وسلّم من بني النضير ، فاستبّ علي وعباس ، فقال الرهط : يا أمير المؤمنين اقض بينهما وأرح أحدهما من الآخر . فقال عمر : اتئدوا ، أنشدكم بالله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض هل تعلمون أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال : ( لا نورّث ما تركنا صدقة ) يريد بذلك نفسه ؟ قالوا : قد قال ذلك ، فأقبل عمر على عباس وعلي فقال : أنشدكما بالله هل تعلمان أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم قد قال ذلك ؟ قالا : نعم ، قال : فإنّي أحدّثكم عن هذا الأمر ، إنّ الله سبحانه كان خص رسوله صلّى الله عليه وسلّم في هذا الفيء بشيء لم يخصه أحداً غيره ، فقال جلّ ذكره : * ( وَمَا أفَاءَ اللهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْل وَلا رِكَاب ) * - إلى قوله - : * ( قَدِيرٌ ) * [2] ، فكانت هذه خالصة لرسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، ثم والله ما احتازها دونكم ولا استأثرها عليكم ، لقد أعطاكموها وقسّمها فيكم ، حتى بقي هذا المال منها ، فكان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ينفق على أهله نفقة سنتهم من هذا المال ، ثم يأخذ ما بقي فيجعله مال الله . فعمل ذلك رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حياته ، ثم توفي النبي صلّى الله عليه وسلّم فقال أبو بكر : فأنا وليّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، فقبضه أبو بكر فعمل فيه بما عمل به رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأنتم حينئذٍ فأقبل
[1] - صحيح البخاري 5 : 89 ، باب حديث بني النضير ، ومخرج رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم إليهم في دية الرجلين وما أرادوا من الغدر برسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم . [2] - الحشر : 6 .