وفيما نحن بصدده لا استغناء لنا عن قراءة التاريخ بصفحاته ، لغربلة ما فيه من كذب فاضح ببصماته ، وإدانة من أحدث الانحراف وتنكب الطريق الجدد فابتعد عن الصواب ، فأورد الأمة شارب بوءة ، فثارت الفتن حتى اليوم ، وتوالت المآسي يتبعها بعضها بعض كقطع الليل المظلم ، ولا شك أنه سوف يتحمل وزر فعله ووزر من تابعه وشايعه لقوله صلّى الله عليه وآله وسلّم : « من سنّ سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها » [1] . وبتحديد المواقف تتضح هوية الأشخاص قرباً وبعداً من الدين ، وهذا أمر طبيعي لمعرفة المحق من المبطل ، وفيصل الحكم انّما هو القرآن الكريم والسنة النبوية قولاً وفعلاً وتقريراً ، ولا يمكن بأيّ حال من الأحوال التخلّي عن هذين العمودين : ( القرآن والسنة ) ومتى تخلّينا عنهما أو عن أحدهما فلسنا بمسلمين عملاً ، وإن كانت بطاقة الهوية فيما يكتب فيها الديانة مسلم ، فذلك لا يجدي يوم القيامة عند الحساب بين يدي من لا يخفى عليه خافية . ولما كان النبي الكريم صلّى الله عليه وآله وسلّم قد جاء برسالة فبلّغها ، وشريعة شرّعها ، وترك أمته على النهج الواضح والطريق المستقيم ، ليس من حق أيّ إنسان تبديل حكم من الأحكام ، ولا تعدي حدّ من حدود الإسلام ، لأنه صلّى الله عليه وآله وسلّم : * ( وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الهَوَى * إنْ هُوَ إلا وَحْيٌ يُوحَى ) * [2] . لذلك يجب على من كان مسلماً صحيح العقيدة الإذعان لما جاء به ، قال الله تعالى : * ( وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ) * [3] ، وقال تعالى : * ( فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أمْرِهِ أنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ ألِيمٌ ) * [4] .
[1] - المصنف لابن أبي شيبة 3 : 109 ، وراجع موسوعة أطراف الحديث النبوي الشريف 8 : 319 ، لمعرفة بقية المصادر . [2] - النجم : 3 4 . [3] - الحشر : 7 . [4] - النور : 63 .