وروى ابن قتيبة في الإمامة والسياسة [1] : فقالت فاطمة عليها السّلام لأبي بكر وعمر : أرأيتكما إن حدثتكما حديثاً عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم تعرفانه وتفعلان به ؟ قالا : نعم ، فقالت : نشدتكما الله ألم تسمعا رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يقول : رضى فاطمة من رضاي ، وسخط فاطمة من سخطي ، فمن أحبّ فاطمة ابنتي فقد أحبني ، ومن أرضى فاطمة فقد أرضاني ، ومن أسخط فاطمة فقد أسخطني ؟ قالا : نعم ، سمعناها من رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، قالت : فإنّي أشهد الله وملائكته أنكما أسخطتماني وما أرضيتماني ، ولئن لقيت النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم لأشكونكما إليه ، فقال أبو بكر : أنا عائذ بالله تعالى من سخطه وسخطك يا فاطمة ، ثم انتحب أبو بكر يبكي حتى كادت نفسه أن تزهق ، وهي تقول : والله لأدعون الله عليك في كل صلاة أصليها ، ثم خرج فاجتمع الناس فقال لهم : يبيت كل رجل منكم معانقاً حليلته مسروراً بأهله وتركتموني وما أنا فيه ، لا حاجة لي في بيعتكم ، أقيلوني بيعتي . هذا ما رواه شيوخ الحديث من أصحاب ابن كثير ، وهو مع ذلك يقول بكل صلف عن فاطمة عليها السّلام ما قال ، ونحن لا نزيد على قول الله تعالى في محكم كتابه : * ( إنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ ) * [2] . ولم يخف ابن كثير نُصبه وايذاءه لرسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وأهل بيته بكل سبيل ، حتى حاول صرف بيعة الغدير عن مغزاها وتفريغها عن محتواها ، فقال : ( فصل في إيراد الحديث الدال على أنه عليه السّلام خطب بمكان بين مكة والمدينة ، مرجعه من حجة الوداع قريب من الجحفة يقال له غدير خم فبيّن فيها فضل علي بن أبي طالب ، وبراءة عِرضه مما كان تكلم فيه بعض من كان معه بأرض اليمن ، بسبب ما كان صدر منه إليهم من العدالة التي ظنّها بعضهم جوراً
[1] - الإمامة والسياسة : 14 ، في بيعة أمير المؤمنين عليه السّلام . [2] - الأحزاب : 57 .