بلال وصهيب وسلمان جلوساً فمرّ بهم أبو سفيان بن حرب ، فقالوا : ما أخذت سيوف الله من عنق عدو الله مأخذها بعدُ ، فقال أبو بكر : أتقولون هذا لشيخ قريش وسيدها ؟ ثم انطلق أبو بكر إلى النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم فأخبره ، فقال : يا أبا بكر لعلك أغضبتهم ، لئن كنت أغضبتهم لقد أغضبت ربك ، قال : فأتاهم أبو بكر فقال : يا أخوتي لعلكم غضبتم ؟ فقالوا : يغفر الله لك يا أبا بكر . أقول : وليتني أدري ماذا كان يقول أبو بكر في نفسه حين يأمر بجلب علي بأعنف العنف ، وتهديد عمر باحراق باب فاطمة ، أليس ذلك مما أغضبها ؟ وهل غضبها دون غضب الصحابة الثلاث ؟ أوليس صح قوله صلّى الله عليه وآله وسلّم : فاطمة بضعة منّي ، فمن أغضبها فقد أغضبني ، ومن أغضبني فقد أغضب الله » . النص التاسع عشر : قال أيضاً البلاذري في فتوح البلدان [1] : ( فدك ) قالوا بعث رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم إلى أهل فدك منصرفه من خيبر ، محيصة بن مسعود الأنصاري يدعوهم إلى الإسلام ، ورئيسهم رجل منهم يقال له يوشع بن نون اليهودي ، فصالحوا رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم على نصف الأرض بتربتها ، فقبل ذلك منهم ، فكان نصف فدك خالصاً لرسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم لأنه لم يوجف المسلمون عليه بخيل ولا ركاب ، وكان يصرف ما يأتيه منها إلى أبناء السبيل . النص العشرون : في فتوح البلدان [2] قال : وحدثنا عبد الله بن ميمون المكتب ، قال : أخبرنا الفضيل بن عياض ، عن مالك بن جعونة ، عن أبيه قال : قالت فاطمة لأبي بكر : انّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم جعل لي فدك فأعطني إيّاها ، وشهد لها علي بن أبي طالب فسألها شاهداً آخر فشهدت لها أم أيمن ، فقال : قد علمت يا بنت رسول الله انّه لا تجوز إلاّ شهادة رجلين أو رجل وامرأتين ، فانصرفت .
[1] - فتوح البلدان : 36 . [2] - المصدر نفسه : 38 .