سبب المصالحة كما سمّاها فقال : لما رأى علي انصراف وجوه الناس عنه أسرع إلى مصالحة أبي بكر . . . . وهذا يعني مبلغ الجهد الذي كان يعانيه من ذلك الحصار الاجتماعي المضروب حوله ، وبالتالي حول بني هاشم ، وكأن قريشاً أعادت ذكرى الحصار الذي قاسوه منهم في أوائل البعثة بمكة أيام زعيمهم أبي طالب ، وهاهم اليوم يعيشون الحصار بشكل آخر مع ابن أبي طالب . النص العاشر : وروى عبد الرزاق [1] عن معمر ، عن قتادة أنّ علياً قضى عن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم أشياء بعد وفاته كان عامتها عدة ، قال : حسبت أنه قال : خمس مائة ألف . قال عبد الرزاق : يعني دراهم ، قلنا لعبد الرزاق : وكيف قبض النبي صلّى الله عليه وسلّم وأوصى إليه النبي صلّى الله عليه وسلّم بذلك ؟ قال : نعم ، لا أشك أنّ النبي صلّى الله عليه وسلّم أوصى إلى علي ، فلولا ذلك ما تركوه أن يقضي . وهذا الخبر علّق عليه محقق المصنف على قوله صلّى الله عليه وسلّم : ( وأوصى إليه النبي . . . . ) فقال : النص هكذا في ( ص ) والصواب عندي : ( وكيف قضى علي أو أوصى . . . ) . وقلت : مهما كان هو الصحيح فإنّ قوله صلّى الله عليه وسلّم : عليّ منجز عدتي ، ورد في عدة أحاديث عن جماعة من الصحابة ، ولم يقل ذلك مرّة واحدة ، بل بدءاً من يوم حديث الانذار ثم ما بعده من الأيام [2] .
[1] - المصنف 7 : 294 . [2] - راجع عليّ إمام البررة 1 : 87 90 ، ستجد قوله صلّى الله عليه وسلّم في حديث الانذار : « يضمن عنّي ديني ومواعيدي ، ويكون معي في الجنة ، ويكون خليفتي ووصيي من بعدي » ، أخرجه أحمد في مسنده 2 : 265 ، ح 883 ، تحقيق أبو الأشبال وقال : اسناده حسن ، وهذا رواه ابن كثير في تفسيره 3 : 350 ، وابن عساكر في تاريخه ( ترجمة الإمام ) 1 : 85 ، والهيثمي في مجمع الزوائد 8 : 302 ، وقال : رواه أحمد ورجاله ثقات ، وورد في منتخب كنز العمّال ( بهامش مسند أحمد 5 : 42 ) إلى غير ذلك من الأحاديث التي أثبتت الوصاية للإمام ، وأنّه يقضي الدين وينجز العداة .