لكنه في المرّة الثانية في صفحة / 347 فقد ذكر النص بسند آخر . فقال فيه : ( أما اللاتي وددت أنّي تركتهنّ ، فوددت أنّي لم أكن فعلت كذا وكذا ، لشيء ذكره . . . ) وهذا منه مستغرب بعد ذكره أولاً كما مرّ ، ولا أحسبه إلاّ أنّه أنهار أمام تهديد أو وعيد ، فاتقى الشر فذكره كناية . أما ثالث القوم الذين تلاعبوا بالنص بصورة غير ذكية ، فهو أبو العباس المبرد في كتابه الكامل [1] ، فقد ذكر الخبر مقتصراً على حديث أبي بكر مع عبد الرحمن بن عوف من دون ذكر المثلثات ، وهذا ممّا يؤاخذ عليه . ورابعهم كان المسعودي الشافعي ( ت 345 ه ) ، فهو ليس بدون من تقدّمه في تعامله مع النص بغير مسوّغ ، فقد ذكره في كتابه مروج الذهب [2] ، فقال : ( ومرض أبو بكر قبل وفاته بخمسة عشر يوماً ، ولمّا احتضر قال : ما آسى على شيء إلاّ على ثلاث فعلتها وددت أنّي تركتها . . . ، فوددت أنّي لم أكن فتشت بيت فاطمة ، وذكر كلاماً كثيراً ) ، فعدم ذكره ذلك الكلام الكثير مما يؤاخذ عليه . وخامسهم الباقلاني ( ت 403 ه ) ، فقد ذكر في كتابه إعجاز القرآن [3] ، عيادة عبد الرحمن بن عوف لأبي بكر ، وحديث أبي بكر وتبرّمه من أصحابه ، ولم يذكر عن المثلثات شيئاً ، فحذفها جملة وتفصيلاً ، وقد مرّ في نظرة إلى المصادر ما في طبعتي الكتاب ، وعمل المحققين فيه فراجع . وسادس هذا النمط المفرط في الايهام والاستبهام ، أبو نعيم الأصبهاني ( ت 430 ه ) ، فقد ذكر في كتابه حلية الأولياء [4] حديث أبي بكر مع عبد الرحمن