ولعل أشدها عنفاً تلك الصدمة التي تكاد تذهب بلب القارئ دهشة وحيرة ، حين يقرأ ما أخرجه سبط ابن الجوزي في تذكرة الخواص والسبكي في شفاء الغرام ، والأمر تسري في أرجح المطالب [1] فدخل حديث بعضهم في بعض : ( انّ عمر بن الخطاب سمع رجلاً يذكر علياً بشر ، فقال : ويلك تعرف مَن في هذا القبر ؟ وأشار إلى قبر رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فسكت الرجل ، فقال عمر : محمّد بن عبد الله بن عبد المطلب ، وهذا عليّ بن أبي طالب بن عبد المطلب ، قبّحك الله فقد آذيت رسول الله في قبره ، لا تذكروا علياً إلاّ بالخير ، إن تنقّصته آذيت صاحب القبر ، إذا آذيت علياً فقد آذيته ) . فمن يقرأ هكذا خبراً عن عمر ، ألا يصاب بالدهشة والحيرة ؟ فيسأل عن عمر أين غاب عنه ذلك الوعي يوم جاء بقبس من نار ليحرق البيت على من فيه ؟ وهل إنّ ما ذكره من تقبيح في الدعاء على من تنقّص علياً بلسانه ، لا يشمل من جاء ليحرق عليه بيته ؟ وهل أن إيذاء النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم يخص من تنقّص علياً بلسانه فحسب ، فلا يشمل من آذاه وأخرجه يتلّه بعنف ؟ فهل من جواب عند الحساب لمن يقرأ ( إنّ السكينة تنطق على لسان عمر ) ؟ فأين غابت عنه تلك السكينة المزعومة حينما هدّد بإحراق بيت فاطمة فقال له الناس : انّ في الدار فاطمة ، وهو يعلم ذلك ، وإنما قالوا له ذلك تنبيهاً على عظيم الخطر لو تطاير من البيت الشرر ، لكن أبا حفص قال : ( وإن ) غير مبالٍ بما سيكون . أو ليس من حق القارئ أن يصارح بأنّ الّذين جاؤوا بالحطب والنار وأرادوا إحراق الباب كانوا معتدين ظالمين ، وبايذائهما علياً آذوا رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم لقوله : « من آذى علياً فقد آذاني ، ومن آذاني فقد آذى الله » [2] .