فسكوتهم عن جميع ذلك في المحسن ، مع اعترافهم بأنّه كان ولداً لفاطمة واسمه المحسن ، وأنه مات صغيراً ، فيه تعمد استبهام ، وعليه أكثر من علامة استفهام ، لذلك يبقى الذين ذكروا أنّه مات سقطاً ، هم أقرب إلى واقع الحدث من غيرهم ، خصوصاً وانّ شواهد الأحداث المتلاحقة يوم إسقاطه تؤيّدهم . فثمة اتساق داخلي وواقعي بين مضمون رواية موته سقطاً من أثر زحم قنفذ وغيره ، وبين روايات أخرى تضمّنت ذكر الأحداث المريعة في ذلك اليوم ، كمجيء عمر بن الخطاب ومعه جماعة كما سيأتي ذكرهم بأسمائهم ، نقلاً عن مصادر أتباعهم ومعهم الحطب ، وهم يهددون بإحراق دار فاطمة على مَن فيها ، وممانعة فاطمة لهم ثم . . . ، وثم . . . إلى ما هنالك من أحداث متتالية . كل ذلك يستدعي الوقفة الفاحصة بالنظر إلى تلك الصور المرعبة والمريعة ، والتي لا تحتمل رؤيتها أنظار كثير من المسلمين لبشاعتها وفضاعتها ، إما لضغط الرواسب الموروثة في تقدير الشخوص والرموز ، أو لعظم الأحداث فلا يكاد يصدّق بها حتى من لم يؤمن بقداسة الموروث لعظيم الرزية وعظم الضحية ، ويبقى التصديق نصيب من وضحت عنده الرؤية ، بعد إزالة غشاء التضليل عن عينيه ، فيقرأ النص في ملابسات الحديث فيما له وعليه . وكم قرأنا نماذج تشير إلى حدوث السقط على استحياء أو استخذاء أمام الرأي العام المحكوم لإعلام الحاكمين ، وحتى في العصر الحديث عصر حرية الرأي وحرية التعبير نجد بعض الكتّاب المحدثين يراوغ أو يصارع مع نفسه حين يقول : ( ولم يكن بالزهراء من سُقم كامن يعرف من وصفه ، فإنّ العرب وصّافون وإن كان حولها من آل بيتها لمن أقدر العرب على وصف الصحة والسقم فما وقفنا من كلامهم وهم يصفونها في أحوال شكواها على شيء يشبه أعراض الأمراض التي تذهب بالناس في مقتبل الشباب ، وكل ما يتبين من