السهو ، تنافي ما اتفق عليه المسلمون من حجية فعله ، بل وتنافي حجية قوله أيضاً . وهذا يبطل الوثوق به ، والاعتماد عليه ؛ وهو مناف لحكمة النبوة والرسالة ( راجع : دلائل الصدق ج 1 ص 384 - 386 ) . ويمكن أن يجاب عن ذلك ، بأنه إنما ينافي حجية فعله وقوله ، لو أقر على سهوه وأخذ الناس الحكم الخطأ عنه ، وأما إذا لم يقره الله عليه ، بل بينه له وللناس بنحو ما ، فإنه لا مانع منه ، لا عقلاً ولا شرعاً ( راجع : فتح الباري ج 3 ص 81 ) . وكلمتنا الأخيرة هنا هي : أن إنساء الله تعالى لنبيه الأكرم « صلي الله وعليه وآله » لمصلحة يراها ، يصطدم بمقولة : إن هذا ما هو إلا إحالة على مجهول ، وما ادعي من عدم إقرار الله تعالى له على السهو لا يكفي في حفظ كرامة النبي « صلي الله وعليه وآله » ، والاطمئنان إلى ما يصدر عنه « صلي الله وعليه وآله » ، بما يكون له طابع الفورية وعدم المهلة ، حيث لا تبقى فرصة لظهور الخلاف . كما أن ذلك يسيء إلى قداسة النبي « صلي الله وعليه وآله » بنظر الناس ، وذلك ظاهر لا يخفى . انتهى كلام العاملي . فكم من مرة قد صرح العاملي في كلامه هذا برفض القول بسهو النبي وإسهائه جملة وتفصيلاً فإذا جوز الإنسان لنفسه أن يكذب مرة فكيف يصر على الكذب بعد افتضاح أمره .