نام کتاب : اللمعة البيضاء نویسنده : التبريزي الأنصاري جلد : 1 صفحه : 308
قال ابن أبي الحديد : وهذا الكلام لا جواب عنه ، ولقد كان التكرم ورعاية حق رسول الله وحفظ عهده ، يقتضي أن تعوض ابنته بشئ يرضيها إن لم يستنزل المؤمنون عن فدك ، ويسلم إليها تطييبا لقلبها ، وقد يسوغ للإمام أن يفعل مثل ذلك من غير مشاورة المسلمين إذا رأى المصلحة فيه ، إنتهى [1] . أقول : مع أن المسلمين أيضا كانوا لا يضايقون بذلك لو قال لهم ذلك ، أو أمرهم بأن يفعلوا كذلك ، والوجه الآخر أن من لوازم الخلافة وآثارها الظاهرية أخذ الوجوهات الإسلامية ، فهم فعلوا ذلك ليتبين للناس أن الأمر انتقل إليهم بحيث قد أخذوا ما شاؤوا من أهل بيت النبوة ، فلا يبقى لسائر الناس كلام بعد ذلك في صرف الوجوه إليهم ، ويزول طمعهم في أهل البيت فيصرف وجوههم عنهم ، إذ لا يبقى للضعيف قوة دافعة بعد جريان الحكم في القوى البتة . وعلى أي نحو كان فلما بويع لأبي بكر في سقيفة بني ساعدة ، وكان علي ( عليه السلام ) حينئذ مشغولا بتجهيز رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) - على ما ورد تفصيل الأمر في الأخبار المروية - رجعوا إلى منازلهم ، وأقبلوا على إصلاح شأنهم وحالهم ، فأول ما اقتضاه مصلحة الدولة والخلافة بعد استقرار الأمر في الجملة أن يرسلوا إلى فدك ويخرجوا عنها وكيل فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) . فرجع الوكيل إلى المدينة وأخبر بالواقعة ، فبعد ذلك احتج علي وفاطمة ( عليهما السلام ) على أبي بكر وعمر باحتجاجات كثيرة في مجالس مختلفة ، وأتيا إليهما بحجج شافية ، واستدلالات وافية ، فلم ينفع ذلك في تلك القلوب القاسية شيئا بالمرة ، بل زادوا قسوة على قسوة لكونها كالحجارة أو أشد قسوة .