المؤمنين علام ندع هؤلاء القوم وراءنا يخلفونا في أموالنا وعيالنا ؟ سربنا إليهم فإذا فرغنا منهم سرنا إلى أعدائنا من أهل الشام [1] . فقام إليه الأشعث بن قيس فتكلّم بمثل كلامهم ، وكان الناس يرون أنّ الأشعث يرى رأي الخوارج لأنه كان يقول يوم صفين أنصَفنا قوم يدعون [2] إلى كتاب الله تعالى ، فلمّا قال هذه المقالة علم الناس أنه لم يكن يرى رأيهم [3] . فأجمع عليّ ( عليه السلام ) المسير إليهم ، فجاءه منجّم يقال له مسافر بن عديّ [4] فقال : يا أمير المؤمنين ، إذا أردت المسير إلى هؤلاء القوم فسر إليهم في الساعة الفلانية فإنّك إن سرت في غيرها لقيت أنت وأصحابك ضرّاً شديداً ومشقّة عظيمة . فخالفه عليّ ( عليه السلام ) وسار في غير الساعة الّتي أمره المنجّم بالمسير فيها [5] ، فلمّا قرب عليّ ( عليه السلام ) منهم ودنا بحيث إنّه يراهم ويرونه نزل وأرسل إليهم أن ادفعوا إلينا قتلة إخواننا
[1] انظر تاريخ الطبري : 4 / 61 مع اختلاف يسير في اللفظ كما أوضحناه سابقاً وخاصّة في الكامل لابن الأثير : 3 / 341 . [2] في ( أ ) : أنصف قوماً يدعون . [3] انظر تاريخ الطبري : 4 / 61 ، الإمامة والسياسة : 1 / 168 وابن أعثم في الفتوح : 2 / 194 ، الأخبار الطوال : 194 ، وقعة صفين : 273 و 275 وسبق وأن ترجمنا له . [4] هو مسافر بن عفيف الأزدي كما ذكره ابن الأثير في الكامل : 3 / 343 ، انظر شرح النهج لابن أبي الحديد : 2 / 269 تحقيق محمّد أبو الفضل ، ونقل عن ابن ديزيل قال : عزم علي ( عليه السلام ) على الخروج من الكوفة إلى الحرورية ، وكان في أصحابه منجِّم فقال له : يا أمير المؤمنين ، لاَ تَسِر في هذه الساعة وسِرْ على ثلاث ساعات مضين من النهار ، فإنّك إن سرت في هذه الساعة أصابك وأصحابك أذىً وضُرٌّ شديد ، وإن سرتَ في الساعة الّتي أمرتُك بها ظَفِرت وظهرت وأصبْت ما طلبْتَ ، فقال له علي ( عليه السلام ) : أتدري ما في بَطْن فَرسي هذه ، أذكر هو أم أُنثى ؟ قال : إن حسَبتُ عَلِمْت ، فقال عليّ ( عليه السلام ) : مَنْ صدّقك بهذا فقد كذّب بالقرآن ، قال تعالى ( إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ ويُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِى الأَْرْحَامِ . . . ) لقمان : 34 . وانظر تاريخ الطبري : 4 / 61 ولكنه لم يذكر اسم المنجّم ، وانظر مروج الذهب : 2 / 415 . [5] انظر تاريخ الطبري : 4 / 61 ولكنه أضاف : ثمّ قال : لو سرنا في الساعة الّتي أمرنا بها المنجّم لقال الجهّال الّذين لاَ يعلمون : سار في الساعة الّتي أمره بها المنجّم فظفر . وانظر شرح النهج لابن أبي الحديد : 2 / 270 تحقيق محمّد أبو الفضل ، والكامل لابن الأثير : 3 / 341 ، ومروج الذهب : 2 / 415 .