فبينما أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب ( عليه السلام ) معهم في الكلام إذ أتاه الخبر أنّ الخوارج خرجوا على الناس وأنهم قتلوا عبد الله بن خبّاب [1] صاحب رسول الله ( صلى الله عليه وآله )
[1] عبد الله بن خَبّاب : هو الّذي قتله الخوارج فسال دمه ، كأنه شِرال نَعل ما آمذ قَرّ - أي سال دمه في النهر ولم يتفرّق في الماء ولا اختلط - . وذكر الطبري في تاريخه : 4 / 60 أنّ الخوارج دخلوا قرية فخرج عبد الله بن خباب صاحب رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ذَعِراً يجرّ رداءه فقالوا : لم ترعَ ؟ فقال : والله لقد ذعرتموني ، قالوا : أأنت عبد الله بن خباب صاحب رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ؟ قال : نعم ، قالوا : فهل سمعت من أبيك حديثاً يحدِّث به عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) أنّه ذكر فتنة القاعد فيها خير من القائم والقائم فيها خير من الماشي والماشي فيها خير من الساعي ؟ قال : فإن أدركتم ذلك فكن يا عبد الله المقتول . . . قال فقدّموه على ضفة النهر فضربوا عنقه فسال دمه كأنه شراك نعل وبقروا بطن أُم ولده عمّا في بطنها . . . ولكن الطبري في نفس الصفحة ينقل عن حميد بن هلال أنه - عبد الله - قال : عندما سألوه قال : حدّثني أبي عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) أنّ فتنة تكون يموت فيها قلب الرجل كما يموت فيها بدنه يمسي فيها مؤمناً ويصبح كافراً ويصبح فيها كافراً ويمسي فيها مؤمناً ، فقالوا : لهذا الحديث سألناك فما تقول في أبي بكر وعمر ؟ فأثنى عليهما خيراً . . . فأخذوه فكتّفوه ثمّ أقبلوا به وبامرأته وهي حُبلى متمٌّ حتّى نزلوا تحت نخل مواقر فسقطت منه رطبة فأخذها أحدهم فقذف بها في فمه فقال أحدهم : بغير حلّها وبغير ثمن ، فلفظها وألقاها من فمه ، ثمّ أخذ سيفه فأخذ يمينه فمرّ به خنزير لأهل الذمّة فضربه بسيفه ، فقالوا : هذا فساد في الأرض ، فأُتي صاحب الخنزير فأرضاه من خنزيره ، فلمّا رأى ذلك منهم ابن خباب قال : لئن كنتم صادقين فيما أرى فما عليَّ منكم بأس إنّي لمسلم ما أحدثت في الإسلام حدثاً ولقد آمنتموني ، قلتم : لاَ روع عليك فجاؤوا به فأضجعوه فذبحوه وسال دمه في الماء . . . وانظر حياة عبد الله بن خباب في المعارف لابن قتيبة : 317 ، وانظر قصة قتله ( رضي الله عنه ) في أُسد الغابة : 3 / 150 ، والإصابة : 2 / 294 ، وشرح النهج لابن أبي الحديد : 2 / 269 و 381 و 382 تحقيق محمّد أبو الفضل نقلا عن ابن ديزيل ( إبراهيم بن الحسين بن عليّ بن مهران بن ديزيل الكمائي الهمداني ) أحد كبار الحفّاظ ومتكلّميهم ، ذكره ابن حجر في لسان الميزان : 1 / 49 وقال : مات سنة ( 281 ه ) ، الكامل في التاريخ : 3 / 212 ، والفتوح لابن أعثم : 2 / 198 و 253 و 260 ، الطبري : 6 / 46 ط أُخرى ، الطبقات الكبرى لابن سعد : 5 / 182 ، شرح النهج لابن أبي الحديد : 2 / 282 ، الكامل للمبرّد : 560 ، الإمامة والسياسة : 1 / 167 ، شرح النهج للعلاّمة الخوئي : 4 / 128 ، الكامل لابن الأثير : 3 / 341 .