قَالُواْ رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ أسْتَقَمُواْ تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلاَئِكَةُ أَلاَّ تَخَافُواْ وَلاَ تَحْزَنُواْ وَأَبْشِرُواْ بِالْجَنَّةِ الَّتي كُنتُمْ تُوعَدُونَ ) [1] . يمكن القول هذا بصراحة : إنّ ابن الصبّاغ المالكي يعتبر في الطليعة من المجاهدين الّذين حفظوا التراث الإسلامي والسنّة النبوية ، وخالطت آثاره حياة الأُمَّة ، وكانت كالنقش على حجر وظلّت في أعماق روحها كما يتذكّر الإنسان حبّه الطفلي الأوّل ، كان اسمه وأثره دائماً في قلوبنا رمزاً لهذا النوع المتميِّز من البشر ، الّذين استطاعوا أن يجسِّدوا في كلام موجز وبحث قليل ، أجمل وأنبل ما يمكن أن تجود به النفس الإنسانية من مشاعر في حبّ الحقّ والدفاع عنه والدعوة إليه . هذا بالإضافة إلى حيوية أُسلوبه وبيانه الّذي لاَ يزال رطباً غضّاً ، كأنّه لم يكتبه منذ قرون بل كأنّه كتبه في هذه الأيّام والساعات ، لأنّه لاَ يزال قرعه للأسماع شديداً ، ووقعه في النفوس بليغاً ، مع أنّه مضى عليه قرون ، سلفت فيها أُممٌ ، وتعاقبت شعوبٌ ودول ، وتغيَّرت ظروفٌ وأحوال ، ولكن أُسلوبه الرصين الخالد الّذي استعمله لخدمة دينه وأُمّته وبني قومه لم يتبدّل ولم يتغيّر ، لأنّه استمدّه من روحه وقلبه ، ومن فكره وإخلاصه ، وعقله المستخمر بحبِّ الإمام أمير المؤمنين ( عليه السلام ) والأئمّة الهداة من ولده ( عليهم السلام ) . حقّاً أنّ نور الدين في أُسلوبه وبيانه الممتنع الجزل المفيد الوجيز لَيعكس في أذهاننا جميع عباراته ، بيراعه الخالد الّذي لاَ يُنسى وقعه ولا يُمحى أثره . ولنعم ما قيل : إنْ كنتَ من شيعة الهادي أبي حسن * حقّاً فأعدد لريب الدهر تجنافا إنّ البلاءَ نصيبُ كلّ شيعته * فاصبر ولا تكُ عند الهمّ منصافا وهذا المعنى مأخوذٌ من قول الإمام أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : مَن أحبَّنا أهل البيت