هرقل ملك الروم ، فسار ملك الروم من فلسطين في خيله ورجله حتى صار إلى أنطاكية فنزلها . وبلغ ذلك أبا عبيدة بن الجراح فكتب إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنه [1] : بسم الله الرحمن الرحيم لعبد الله أبي بكر ، خليفة رسول الله ( صلى الله عليه وسلم وآله من عامر بن الجراح [ سلام عليك ، فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو ، ] أما بعد فإني أسأل الله عز وجل أن يعز الاسلام وأهله عزا كثيرا [2] ، وأن يفتح للمسلمين فتحا مبينا ، [3] وإني أخبر الخليفة أن هرقل ملك الروم قد تنحى من بين أيدينا ونزل مدينة يقال لها أنطاكية وقد بعث إلى أهل مملكته ، فحشرهم إلى ما قبله وقد اجتمع إليه منهم خلق كثير على الصعب والذلول [4] وهم يزيدون على ثمانين ألفا سوى ما في سائر المدائن بالشام من الخيل والجنود ، وقد أحببت أن أعلمك لترى فيه رأيك - والسلام [ عليك ورحمة الله وبركاته ] . قال : فلما قرأ أبو بكر رضي الله عنه كتاب أبي عبيدة بن الجراح كتب إليه [5] : بسم الله الرحمن الرحيم ، من عبد الله بن عثمان خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أبي عبيدة بن الجراح ، أما بعد فقد أتاني كتابك فقرأته وفهمت ما ذكرت فيه من أمر هرقل ملك الروم ونزوله بأنطاكية ، فأما نزوله بها فان ذلك هزيمة له ولأصحابه ، وفتح من الله عز وجل عليك وعلى المسلمين إن شاء الله عز وجل ، وأما حشره إليه الجنود من أهل مملكته وجمعه لهم ولكم الجموع فإن ذلك ما كنا نعلم وتعلمون أنه سيكون ذلك منهم ، وقد علمت يا أبا عبيدة أنه ما كان قوم ليتركوا ملكهم وسلطانهم بغير قتال ، ومعك بحمد الله رجال يحبون الموت كحب الحياة ويحتسبون في حبهم أبكار نسائهم وعقائل أموالهم ، والقهم بهم ولا تستوحش لقلة من معك من
[1] فتوح الأزدي ص 30 الوثائق السياسية ص 400 باختلاف بعض الالفاظ وفيه زيادة . وما أثبت بين معكوفتين زيادة عن الأزدي . [2] عند الأزدي : متينا . [3] الأزدي : يسيرا . [4] الذلول : المراد الخيل بأنواعها ، وما يصعب قياده منها وما سهل . [5] الأزدي ص 30 - 31 الوثائق السياسية ص 400 - 401 . باختلاف .