الله ! أجابه الهاتف يقول : أخلصت إخلاصا يا نضلة ! فلما قال : أشهد أن محمدا رسول الله ! أجابه الهاتف ويقول : ذلك نبي الرحمة بعث لا نبي بعده ، فلما قال : حي على الصلاة ! أجابه الهاتف وهو يقول : فريضة فرضت فطوبى لمن حفظها وواظب عليها ، فلما قال : حي على الفلاح ! أجابه الهاتف وهو يقول : الفلاح لأهل الفلاح والصلاح لأهل الصلاح ، قال : وفرغ نضلة من أذانه ، فلما أخذ في الإقامة وقال : قد قامت الصلاة ! أجابه الهاتف وهو يقول : البقاء لامة محمد عليه السلام وعلى رؤوسهم تقوم الساعة ، قال : وصلى نضلة بالمسلمين . فلما فرغ من صلاته وثب قائما على قدميه ثم نادى بأعلى صوته : أيها الهاتف بالخير والكلام . . . [1] إنا قد سمعنا كلامك وفهمنا جوابك ، فإن كنت من ملائكة الله فصلى الله عليك ، وإن كنت من الجن فمرحبا بك وأهلا ، وإن كنت من الإنس فابرز إلينا حتى نراك ، فإنا وفد الله ووفد رسوله محمد ( صلى الله عليه وسلم وآله ) ووفد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، قال : فلم يشعر نضلة بن معاوية ومن معه من المسلمين إلا وشيخ قد برز لهم من شعب الجبل أبيض الرأس واللحية ، إلى الطوال ما هو ، عليه ثوبان من صوف أبيض ، وقد حسر عن هامة له عظيمة وفي يده عصا عكاز يتوكأ عليها ، فقال نضلة : السلام عليك ورحمة الله وبركاته ! من أنت يرحمك الله ؟ فقال : أنا زريب بن برثملا وصى العبد الصالح عيسى ابن مريم صلى الله عليه وسلم ، دعا لي بالبقاء إلى وقت نزوله من السماء ، فاقرأوا على عمر بن الخطاب مني السلام وقل له : فليثبت على ما هو عليه ويقارب ويسدد فقد اقترب الامر ، وإن ظهرت في أمة محمد ( صلى الله عليه وسلم وآله ) خصال لا خير فيها فالهرب الهرب ! قال نضلة بن معاوية : أخبرنا رحمك الله بهذه الخصال لنعرف بها ذهاب دنيانا وإقبال آخرتنا ، فقال : نعم إذا اكتفت رجالكم برجالكم ونساؤكم بنسائكم ، وركن علماؤكم إلى أمرائكم فأفتوهم بالذي يحبون ، وكثر طعامكم فلم يزد سعركم إلا غلاء ، وكان مستشاركم يومئذ عبيدكم وخصيانكم ، وقتل البريء بغير ذنب ليوعظ به العامة ، وقل العطاء فلم يأخذه إلا الاسقاط والسفل ، وقلت الصدقة فيكم حتى يطوف المسكين فيكم من الحول إلى الحول فلا يصيب عشرة دراهم ، واتخذتم القرآن ألحانا ومزامير ، وزخرفتم المساجد وطولتم المنار ، وكثرت بينكم شهادات