راجعون ، ثم قال : أين أبو سليمان خالد بن الوليد ؟ فأجابه بالتلبية ، فقال : أنت يا أبا سليمان أبرز إلى الكفار في أبطال المسلمين وصد عن الحريم إلى أن تأخذ الرجال صفوفها ويستعدوا للحرب [1] ، فقال : حبا وكرامة . ثم إن خالدا صاح بأبطال المسلمين المذكورين ، وجعل يدعو برجل رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ممن شهد معه المواطن والمواضع المفضلة وأصحاب التقدمة ، حتى دعا بخمسمائة فارس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يخافون لومة لائم ، ثم استقبلوا جيوش المشركين بأسنة الرماح وأشعلوا الحرب بنارها ، واشتغل أبو عبيدة بترتيب الجيوش وتعبية العسكر . وأقبل أبو سفيان إلى أبي عبيدة وقال : أيها الأمير ! مر النساء يعلون على هذا التل ، فأمرهن أبو عبيدة بذلك فعلت النساء على التل ومعهن الأطفال والصغار ، وقال لهن أبو عبيدة : خذن بأيديكن أعمدة السيوف وأعمدة البيوت والفساطيط وأجمعن الحجارة بين أيديكن وحرضن المؤمنين على قتال المشركين ، فإن كان الامر لنا فكن على ما أنتن عليه ، وإن رأيتن أحدا من المسلمين منهزما فاضربن وجهه بأعمدة البيوت واضربنه [2] بالحجارة وادفعن إليه أولاده وقلن له : قاتل عن ولدك وعن بيعة الاسلام ، فقالت النساء : أيها الأمير أبشر بما يسرك . قال [3] : ولما حصن أبو عبيدة النساء بالتل أقبل يعبى جيشه ، وقد ابتدر المسلمون للقتال بعد أن عبأهم ميمنة وميسرة وقلبا ، وجناحين ، وقدم أصحاب الرايات ، وكانت راية المهاجرين صفراء وفيها بياض وخضرة وسواد ، وسائر القبائل
[1] عند الواقدي 1 / 191 قال أبو عبيدة لخالد : قد وليتك على الخيل والرجل فول أمر الرجالة من شئت . وقد قرر المسلمون ألا يخرجوا إلى الروم إلا أن يأتوهم حتى يلطوا بعسكرهم أو يضطروهم إلى ذلك . وكانوا قد رأوهم كأنهم الجراد قد ملأوا الأرض ، فنهضوا عندئذ إلى راياتهم دون تعبئة . ثم راح أبو عبيدة وأصحابه يعبئون الناس وصفوفهم ولم يزالوا كذلك حتى أصبحوا . وقال الأزدي ص 217 وجعل ( أبو عبيدة ) على ميمنته معاذ بن جبل ، وعلى ميسرته قباث بن أسيم ، وجعل على الرجالة هاشم بن عتبة بن أبي وقاص ، وجعل على الخيل خالد بن الوليد . ( وانظر فتوح الشام للواقدي 1 / 191 - 192 وما قاله الطبري في تعبئة المسلمين يوم اليرموك 3 / 396 ) . [2] عند الواقدي 1 / 203 واحصبنه . [3] خبر تعبئة أبي عبيدة للمسلمين في فتوح الشام للواقدي 1 / 203 .