وأظهرهم على عدوهم ، فأبشروا وطيبوا نفسا وتوكلوا على الله فإنه نعم المولى ونعم النصير ، أنزل الله عليكم نصره وأيديكم بعزه وألهمكم صبره وأمدكم بملائكته وباعد من المسلمين بأسه وزجره ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . قال : فورد الكتاب على أبي عبيدة وهو يومئذ بدمشق ، فلما قرأه أقبل على الناس فقال [1] : صدق والله أمير المؤمنين ! لم يكن الرأي أن نتنحى عن مدينة حمص حتى نناجز عدونا بها ، ولكن قد اجتمعت آراؤكم على الرحيل إلى ما ههنا وأرجو أن يكون الخير فيه إن شاء الله . قال : واجتمعت عساكر المسلمين بدمشق في سبعة وثلاثين ألفا ، وقد قدم عليهم عامر بن حذيم في ثلاثة آلاف فارس ، فصار المسلمون في أربعين ألفا . ودعا أبو عبيدة بعمرو بن العاص فضم إليه أربعة آلاف فارس وقال له : سر إلى بلاد الأردن فانزل هناك وارعد وابرق وهول على العدو ما استطعت حتى ننظر في أمر هذا العدو . قال : فسار عمرو بن العاص حتى نزل بلاد الأردن [2] ، ثم أرسل إليهم أن أخرجوا الأسواق وبرئت الذمة من رجل كان مقيما على صلحنا ولم يخرج إلينا بسلاحه فيكون معنا في عسكرنا ، قال : وبلغ ذلك أهل بيت المقدس وأهل قيسارية ، فظنوا أن عمرو بن العاص يريد الخروج إليهم ، فجزعوا لذلك جزعا شديدا . قال : وبلغ أبا عبيدة بأن ماهان وزير هرقل أقبل في عساكره حتى نزل مدينة حمص في مائة ألف ، فاغتم لذلك ثم دعا بجاسوس من جواسيسه فقال له : سر متنكرا حتى تأتي أرض حمص . قال : فأقبل الجاسوس حتى صار إلى حمص وإذا ماهان قد أقبل في ذلك اليوم حتى نزل أرض حمص في مائة ألف فارس ، ثم دعا أهلها فشتمهم وخوفهم ثم قال لهم : بماذا سلمتم هذه المدينة للعرب ، هلا قاتلتم حتى تموتوا كراما عن آخركم ! قال : فقال له أهل حمص : أيها الوزير ! أما نحن فقد قاتلناهم أشد القتال ولم يكن لنا بهم طاقة ، وأنتم أولى باللائمة منا لأنكم ملوكنا وساداتنا وكبارنا قد رأيناكم قد وثبتم وعجزتم ووهنتم عن دينكم وضيعتمونا
[1] نقل الأزدي هذا القول ونسبه إلى خالد بن الوليد . [2] خبر عمرو بن العاص في فتوح الشام للازدي ص 164 وما بعدها باختلاف وتفاصيل وافية .