عدونا عاجلناهم واستعنا عليهم بالله العظيم ، والنصر من عند الله القوي العزيز . قال : فقال الناس : إنه قد صدق ميسرة والرأي ما رأى ، فاكتب إلى أمير المؤمنين وارحل بنا إلى دمشق . ذكر كتاب أبي عبيدة بن الجراح إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنهما يخبر جمع الروم . قال : فعندنا كتب أبو عبيدة بن الجراح إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنهما [1] : ( بسم الله الرحمن الرحيم . لعبد الله عمر أمير المؤمنين من عامر بن الجراح ، سلام عليك ! أما بعد فإن عيوني قدموا علي من أرض أنطاكية فخبروني بأن هرقل عدو الله قد أمر بعساكر فصرفت إلى ناحيتنا وقد توجهوا إلينا وزحفوا إلى ما قبلنا ، وأنهم قد جمعوا من الجموع ما لم يجمعه أحد قط لامة من الأمم إلا ذو القرنين فيما مضى من الدهر الأول ، [2] وقد بعثت إليك رجلا خبيرا بما نحن فيه ، فسله عن ذلك يخبرك الخبر عن جهته ، والسلام عليك ورحمة الله وبركاته . قال : ثم دفع أبو عبيدة كتابه إلى سفيان بن عوف بن معقل الأزدي وقال له : صر إلى أمير المؤمنين وأقرئه مني السلام وخبره بما عاينت وما جاءتنا به العيون من خبر عدونا وبما قد استقر عندك . قال : فسار سفيان بن عوف إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، وأصبح أبو عبيدة فنادى في المسلمين بالرحيل وسار بهم إلى دمشق فنزلها . وقدم سفيان بن عوف على عمر بن الخطاب رضي الله عنه فسلم عليه ودفع الكتاب إليه ، فلما فضه عمر وقرأه أقبل عليه وقال : ويحك يا سفيان ! ما فعل المسلمون ؟ فقال : يا أمير المؤمنين ! إني خرجت من عندهم ليلا من مدينة حمص وسمعتهم يقولون : نصلى الغداة ونرحل إلى مدينة دمشق فأنا نخاف أن يفاجئنا العدو ، ولست أشك إلا أنهم بدمشق في وقتنا هذا ، قال : فتبينت الكراهة في وجه عمر بن الخطاب رضي الله عنه ثم قال : ويحك ! ولم يتنحون من بين يدي عدوهم
[1] فتوح الأزدي ص 157 الوثائق السياسية ص 470 . [2] عند الأزدي : وقد دعوت المسلمين . وأخبرتهم الخبر ، واستشرتهم في الرأي . فأجمع الرأي على أن يتنحوا عنهم حتى يأتينا رأيك .