ذلك أبا بكر الصديق رضي الله عنه ففزع لذلك واشتد عليه أمر الروم وضاق به ذرعا ، فقال له عمر بن الخطاب رضي الله عنه : يا خليفة رسول الله ! إني رأيت رأيا ، فقال : وما ذاك ؟ فقال : رأيت أن تكتب إلى خالد بن الوليد فإنه مقيم بالعراق أن يشخص إلى الشام بخيله ورجله فيكون عونا للمسلمين ، فقال أبو بكر : ما الرأي غير هذا ، ثم كتب أبو بكر رضي الله عنه إلى خالد بن الوليد . ذكر كتاب أبي بكر الصديق إلى خالد بن الوليد رضي الله عنهما . بسم الله الرحمن الرحيم [1] ، من عبد الله بن عثمان خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى خالد بن الوليد . أما بعد فقد ورد علي من خبر الشام ما قد أقلقني وأرقنى وضقت به ذرعا ، فإذا ورد عليك كتابي هذا وأنت قائم فلا تقعد ، وإن كنت راكبا فلا تنزل ، وذر العراق وخلف عليها من تثق به من أهلها [2] الذين قدمت عليهم وامض مخففا في أهل القوة من أصحابك الذين قدموا معك من اليمامة والحجاز حتى تأتي الشام فتلقى أبا عبيدة بن الجراح ومن معه من المسلمين ، فإن العدو قد جمع لهم جمعا عظيما وقد احتاجوا إلى معونتك ، فإذا أنت أتيت المسلمين بالشام فأنت أمير الجماعة - والسلام . قال : ثم دفع أبو بكر رضي الله عنه كتابه إلى عبد الرحمن بن حنبل الجمحي [3] وأمره أن يسرع المسير إلى خالد بن الوليد ، فلما ورد الكتاب على خالد بن الوليد أخذه في يده ولم يقرأه ثم قال للرسول : ما وراءك ؟ فقال : ورائي كل خير غير أنك تسير إلى الشام ، قال : فغضب خالد بن الوليد ثم قال : هذا عمل عمر بن الخطاب وقد نفس علي أن يفتح العراق على يدي [4] ، قال : ثم فتح الكتاب
[1] قارن مع نسخ للكتاب في فتوح الشام للازدي ص 68 وفتوح الشام للواقدي ص 24 والوثائق السياسية ص 399 . قال الواقدي في فتوح الشام : إن أبا بكر لما سمع ما حشد الروم من قوى علم أن أبا عبيدة لين العريكة ولا يصلح لقتال الروم ، وعول أن يكتب إلى خالد . وفي الطبري 3 / 393 قال : خالد لها . [2] في الكامل لابن الأثير 2 / 67 وتاريخ اليعقوبي 2 / 133 أمره أن يستخلف المثنى بن حارثة . [3] في فتوح الواقدي : نجم بن مقدم الكناني . [4] زيد في فتوح الأزدي ص 68 : وكانت الفرس قد هابوه هيبة شديدة وخافوه ، وكان خالد ، رحمه الله ، إذا نزل بقوم من المشركين كان عذابا من عذاب الله عليهم ، وليثا من الليوث ، وكان خالد قد رجا أن يفتح الله على يده العراق .