بهم إلى حرب حقيقية ، مع الله ورسوله ، وبصورة علنية ومكشوفة . فلم يكن لهم بد من الرضوخ ، والانصياع ، لا سيما بعد أن أفهمهم الله سبحانه : أنه يعتبر عدم إبلاغ هذا الأمر بمثابة عدم إبلاغ أصل الدين ، وأساس الرسالة ، وأن معارضتهم لهذا الإبلاغ ، تجعلهم في جملة أهل الكفر ، المحاربين ، الذين يحتاج الرسول إلى العصمة الإلهية منهم . وهذه الأمور الثلاثة قد تضمنتها الآية الكريمة التي حددت السياسة الإلهية تجاههم : * ( وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ والله يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ الله لا يَهْدِي القَوْمَ الكَافِرِينَ ) * [1] . والتركيز على هذه الأمور الثلاثة معناه : أن القرار الإلهي هو أنه تعالى سوف يعتبر عدم تبليغ هذا الأمر للناس بصورة علنية أنه عودة إلى نقطة الصفر ، وخوض حروب في مستوى بدر ، وأحد والخندق ، وسواها من الحروب التي خاضها المسلمون ضد المشركين ، من أجل تثبيت أساس الدين وإبلاغه . ومن الواضح لهم : أن ذلك سوف ينتهي بهزيمتهم وفضيحتهم ، وضياع كل الفرص ، وتلاشي جميع الآمال في حصولهم على امتياز يذكر ، أو بدونه ، حيث تكون الكارثة بانتظارهم ، حيث البلاء المبرم ، والهلاك والفناء المحتّم . فآثروا الرضوخ - مؤقتاً - إلى الأمر الواقع ، والانحناء أمام العاصفة ، في سياسة غادرة وماكرة . . ولزمتهم الحجة ، بالبيعة التي أخذت منهم له « عليه السلام » في يوم الغدير . وقامت الحجة بذلك على الأمة بأسرها أيضاً .