نام کتاب : الشعائر الحسينية بين الأصالة والتجديد نویسنده : الشيخ محمد السند جلد : 1 صفحه : 376
يضيع النقصان سدىً ومن دون أي نتيجة أو ثمرة ، أما إذا كان هناك ثمرة من ذلك التلف والضرر ، فليس من باب إلقاء النفس في التهلكة . . ولتوضيح الفكرة : خروج المقام تخصّصاً وموضوعاً عن الضرر وذلك بالإلتفات إلى ما حُرّر في قاعدة « لا ضرر » من عدم شمولها لجملة من الأبواب والأحكام الأوّليّة ، كالجهاد والخمس والزكاة ونحوها ممّا يتراءى في الوهلة الأولى أنها ضرريّة ; فإنّ آيات الجهاد ، لا يُقال أنّها مخصِّصة لعموم : ( وَلاَ تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ) كما لا يُتوهّم شمول النهي لموارد الجهاد ، وأنّ أدلة الجهاد مخصِّصة لها . . لا يصحّ تقرير الظاهر من الدليلَين بهذه الصورة ، لأنّ المراد من الإلقاء في التهلكة هو الإلقاء سدىً وبدون نتيجة وبلا طائل . . بخلاف ما إذا كانت هناك غاية فضيليّة مترتّبة على إلقاء النفس في فعل يستوجب معرضية التلف . . ويشير إلى ذلك مناظرة النبيّ يعقوب عليه السلام مع أبنائه . . ( قَالُوا تَاللهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضاً أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ ) فأجابهم : ( قَالَ إِنَّمَا أَشْكُوا بَثّي وَحُزْنِي إِلَى اللهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ ) [1] أي أنّه ردّ على دعواهم في كَون شدّة الحزن وطول البكاء هلكة ، وأنّ تطبيقهم الهلكة عليهما هو بسبب جهلهم . . وفي الموضوع عنوان آخر وموقف آخر إلاّ أنهم يجهلون ذلك ، وهذا الجواب يقتضى أنّ الحزن الشديد والبكاء الطويل وإن أوجبا ابيضاض العينين . . قابلان لأن يتّصفا بالرجحان والغرض الكماليّ ، ويخرجان بذلك عن الهلكة المذمومة القبيحة . . فعلى كلّ حال : الظاهر أنّ الهَلكة وما شابهها إنّما تكون في الموارد التي