نام کتاب : الشعائر الحسينية بين الأصالة والتجديد نویسنده : الشيخ محمد السند جلد : 1 صفحه : 318
القلوبَ الّتي جَزعت واحترقت لنا ، وارْحَم الصرخةَ التي كانت لنا » [1] الجزع بمعنى الانكسار . . ولكنّه هنا ليس انكساراً . . وليس بجزع بحقيقته . . نعم جزع من ظلم الأعداء وجزع من رذائل الأعداء . . وهذا جزع محمود وليس جزعاً مذموماً . . باعتبار أنّه نوع من التشوّق الشديد لسيّد الشهداء عليه السلام ، كما رواه الشيخ في أماليه بسنده عن عائشة ، قالت : لمّا مات إبراهيم بكى النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم حتّى جرت دموعه على لحيته ، فقيل : يا رسول الله تنهى عن البكاء وأنت تبكي ؟ ! فقال : « ليس هذا بكاء ، وإنّما هذه رحمة ، ومن لا يَرحم لا يُرحم » [2] والسرّ في ذلك هو أنّ أيّ فضيلة من الفضائل التي هي مربوطة بالخُلق الإلهيّ ، أو بالآداب الإلهيّة ، أو بكلمات الله ، كنماذج مجسّمة في المعصومين عليهم السلام . . فعدم التفاعل الشديد معها ومع هذا الخُلق ومع تلك الآداب يُعتبر أمراً غير محمود بل مذموماً . . فلا بدّ من الإنجذاب والتوليّ والمتابعة والمودّة لهم . . وهذا التشوّق ليس بالمذموم بل محمود وحسن . ليس هو من الجزع المذموم . والتشكّي ليس فيه اعتراض على الله ، بل هو اعتراض واستنكار على الظلم والظالمين ونبذ للرذيلة وأصحابها ، كما في جواب العقيلة عليها السلام حينما دَخلت في الكوفة إلى مجلس عبيد الله بن زياد ، وتوجه إليها وقال : كيف رأيتِ صُنعَ الله بكِ وبأهل بيتكِ . . قالت : « ما رأيتُ إلاّ جميلا » [3] . . في حين أنّها تُبدي استنكارَها من عِظَم الفجيعة . . وقد أحاطتها هالة من
[1] وسائل الشيعة 14 : 412 أبواب المزار باب 37 ، ح 7 . [2] وسائل الشيعة 3 : 282 أبواب الدفن باب 88 ، ح 8 . [3] بحار الأنوار : 45 : 116 .
318
نام کتاب : الشعائر الحسينية بين الأصالة والتجديد نویسنده : الشيخ محمد السند جلد : 1 صفحه : 318