هذا السير النفسانيّ هو سير في تلك النشآت وكمال فيها . .4 - ( واذْكُرْ في الْكِتَابِ إدْرِيسَ . . . ) تذكر هذه الآية الأنبياء والصفة البارزة لكلّ نبيّ منهم ، إلى أن تقول : ( أُولئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِم مِنَ النَّبِيِّينَ مِن ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوح وَمِن ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمنِ خَرُّوا سُجَّداً وَبُكِيّاً ) [1] فالأنبياء هم الأمثولة المحتذى بها والأنموذج المُقتدى للبشريّة . . وهم المَثل السامي للبشرية . . والقرآن الكريم يمدحهم بأنّ لهم تأثّراً عاطفيّاً يظهر بشكل البكاء . .( إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمنِ ) على نحو القضية الحقيقيّة ، أي كلّما تُليت آيات الرحمن - ولو على مرّ الدهور - فهناك فئة ممّن هداهم الله سبحانه واجتباهم يتأثّرون بها فيخرّون للسجود ويبكون . ( إِذَا تُتْلَى . . . خَرُّوا سُجَّداً وَبُكِيّاً ) . .5 - عندما أُخبر يعقوب بأنّ ابنه الثاني أيضاً قد أُخذ منه ، قال : ( بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَميلٌ عَسَى اللهُ أَن يَأْتِيَنِي بِهِم جَميعاً إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ * وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَينَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيم * قَالُوا تَاللهِ تَفْتَأُ [2] تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضاً أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ * قَالَ إِنَّمَا أَشْكُوا بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى الله وَأَعْلَمُ مِنَ اللهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ ) [3] يعني : ما أمارسه هو فعل من الأفعال الراجحة . . ويعقوب نبيّ من أنبياء الله عزّ وجلّ . . والقرآن يخلّد ذِكره ويخلّد فعله لنا ، ويعطينا قُدوة نموذجيّة وأمثولة للاقتداء به في هذا التفاعل
[1] مريم : 58 . [2] لا تفتأ ، لا تنقطع . [3] يوسف : 83 - 86 .