نام کتاب : السيرة النبوية نویسنده : ابن كثير جلد : 1 صفحه : 390
وقد ذكر محمد بن إسحاق ، عن عبد الملك بن عبد الله بن أبي سفيان بن العلاء بن حارثة - قال : وكان واعية - عن بعض أهل العلم قال : وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج إلى حراء في كل عام شهرا من السنة يتنسك فيه ، وكان من نسك قريش في الجاهلية ، يطعم من جاءه من المساكين ، حتى إذا انصرف من مجاورته لم يدخل بيته حتى يطوف بالكعبة . وهكذا روى عن وهب بن كيسان أنه سمع عبيد بن عمير يحدث عبد الله بن الزبير مثل ذلك . وهذا يدل على أن هذا كان عادة المتعبدين في قريش أنهم يجاورون في حراء للعبادة . ولهذا قال أبو طالب في قصيدته المشهورة : وثور ومن أرسى ثبيرا مكانه * وراق ليرقى في حراء ونازل هكذا صوبه على رواية هذا البيت كما ذكره السهيلي وأبو شامة وشيخنا الحافظ أبو الحجاج المزي رحمهم الله ، وقد تصحف على بعض الرواة فقال فيه : وراق ليرقى في حر ونازل - وهذا ركيك ومخالف للصواب . والله أعلم . وحراء يقصر ويمد ، ويصرف ويمنع ، وهو جبل بأعلى مكة على ثلاثة أميال منها عن يسار المار إلى منى ، له قلة مشرفة على الكعبة منحنية ، والغار في تلك الحنية . وما أحسن ما قال رؤبة بن العجاج : فلا ورب الآمنات القطن * ورب ركن من حراء منحني وقوله في الحديث : " والتحنث : التعبد " تفسير بالمعنى ، وإلا فحقيقة التحنث من حيث البنية [1] فيما قاله السهيلي : الدخول في الحنث . ولكن سمعت ألفاظ قليلة في
[1] الأصل والمطبوعة : من حنث البنية . وفى ا : من حنث الثنية وكله تحريف .
390
نام کتاب : السيرة النبوية نویسنده : ابن كثير جلد : 1 صفحه : 390