نام کتاب : السيرة النبوية نویسنده : ابن كثير جلد : 1 صفحه : 146
أعمار في البراري والقفار ، يضج بالتسبيح على مثال المسيح ، لا يقره قرار ولا تكنه دار ولا يستمتع به جار ، كان يلبس الأمساح ويفوق السياح ، ولا يفتر من رهبانيته ، يتحسى في سياحته بيض النعام ويأنس بالهوام ، ويستمتع بالظلام ، يبصر فيعتبر ، ويفكر فيختبر . فصار لذلك واحدا تضرب بحكمته الأمثال ، وتكشف به الأهوال ، أدرك رأس الحواريين سمعان . وهو أول رجل تأله من العرب ووحد ، وأقر وتعبد ، وأيقن بالبعث والحساب ، وحذر سوء المآب ، وأمر بالعمل قبل الفوت ، ووعظ بالموت ، وسلم بالقضا ، على السخط والرضا ، وزار القبور ، وذكر النشور ، وندب بالاشعار ، وفكر في الاقدار ، وأنبأ عن السماء والنماء ، وذكر النجوم وكشف الماء ، ووصف البحار ، وعرف الآثار ، وخطب راكبا ، ووعظ دائبا ، وحذر من الكرب ومن شدة الغضب ، ورسل الرسائل ، وذكر كل هائل ، وأرغم في خطبه ، وبين في كتبه ، وخوف الدهر ، وحذر الأزر ، وعظم الامر ، وجنب الكفر ، وشوق إلى الحنيفية ، ودعا إلى اللاهوتية . وهو القائل في يوم عكاظ : شرق وغرب ، ويتم وحزب ، وسلم وحرب ، ويابس ورطب ، وأجاج وعذب ، وشموس وأقمار ، ورياح وأمطار ، وليل ونهار ، وإناث وذكور ، وبرار وبحور ، وحب ونبات ، وآباء وأمهات ، وجمع وأشتات ، وآيات في إثرها آيات ، ونور وظلام ، ويسر وإعدام ، ورب وأصنام ، لقد ضل الأنام ، نشو مولود ، ووأد مفقود ، وتربية محصود ، وفقير وغنى ، ومحسن ومسئ ، تبا لأرباب الغفلة ، ليصلحن العامل عمله ، وليفقدن الآمل أمله ، كلا بل هو إله واحد ، ليس بمولود ولا والد ، أعاد وأبدى ، وأمات وأحيا ، وخلق الذكر والأنثى ، رب الآخرة والأولى .
146
نام کتاب : السيرة النبوية نویسنده : ابن كثير جلد : 1 صفحه : 146